محمد الإمام علي كرسيين حوله ، ثم خطب خطبة أوجز فيها ، ومقتضاها بعد السلام على من بالباخرة من الحجاج وتهنئتهم بالركوب إلى الحج ، إعلامهم أن معزّ الدولة «الخنر السمو فرانكو» (٢١٢) قد هيأ لكم أيها المسلمون هذه الباخرة لحجكم ، فتنبهوا لفعله الجميل لكم وإعانته إياكم على دينكم ، وقصّوا ذلك على إخوانكم المسلمين بالحجاز وغيره ، واعلموا أن الرئيس الديني لكل من في الباخرة هو سيادة الشيخ مربيه ربه ، والحاكم فيها هو القائد محمد ابن عمر أوشن السعيدي. ثم ودع ورجع من حينه هو ومن أتى معه.
فلما كان قبل السحر من ليلة الأحد المذكورة ، أقلعت الباخرة بنا متوجهة في حفظ الله تعالى جهة الحرم الشريف ، وفيها من حجاج المسلمين ما ينيف على الألف ، وفيهم العلماء والفقهاء والطلبة والخطباء والأدباء والقضاة والقواد والرؤساء والعامة من الرجال والنساء والصبيان ، والناس في منازل الباخرة على طبقاتهم مقبلين على أمر دينهم ، مكفيين أمور معاشهم ، لأن أهل الباخرة قائمون لهم بذلك أحسن قيام في أوقاته المعروفة ، بأوصافه المألوفة ، مع حسن الأخلاق وإظهار الإكرام ولزوم الأدب مع الخاص والعام.
وهذه الباخرة تسمى «ماركيس دي كومياس» ، وصفتها وحمولتها ومقدار سيرها هو ما نشرته الجرائد في العام الحالي والذي قبله ، ونصه باختصار : «الحج إلى مكة المكرمة. أيها المسلمون المغاربة في يوم ١٤ من شهر ذي القعدة الحرام عام ١٣٥٧ موافق ٥ يناير ١٩٣٩ ، ستقلع من ميناء سبتة إلى جدة الباخرة الجميلة المسماة «ماركيس دي كومياس» حمولتها ١٢٢٢٥ طنا ، وسيرها ١٧ ميلا في الساعة ، وسترسى في طريقها إلى ميناء جدة في مرسى مليلية وطرابلس وابن غازي وبور سعيد والسويس ، وسيتوجه صحبة وفد الحجاج رئيس ديني وإمام وقاض مع عدلين وحاكم ، وتحتوي على مصلى ومستوصف وبيت صحي ، وقاعة ومطبخ ، ويقوم بالأشغال داخله خدام مغاربة ، أثمان تذاكير السفر مع الأكل ذهابا وإيابا إلى جدة :
ـ الدرجة الأولى ١٦٠٠ بسيطة إسبانية
__________________
(٢١٢) الخنيرا ليسمو فرانكو : فخامة الجنرال فرانكو.