كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ، فأجاز رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أتي عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء ، فرحلت له ، فأتى بطن الوادي ، فخطب النّاس وقال : «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ، وربى الجاهلية موضوع ، وأول ربى أضع ربانا ربى عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة ، ولكم عليهنّ أن لا يطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم زرقهّن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ، كتاب الله ، وأنتم تسألون عنّي ، فما أنتم قائلون؟ قالوا : نشهد أنّك قد بلّغت وأدّيت ونصحت ، فقال بأصبعه السّبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : اللهم أشهد ، اللهمّ اشهد ، ثلاث مرات ، ثم أذّن ثم أقام ، فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصلّ بينهما شيئا ، ثم ركب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل جل المشاة بين يديه واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصّفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة خلفه ، ودفع رسول الله صلى الله عليهم وسلم ، وقد شنّف للقصواء الزّمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، ويقول بيده اليمنى : أيها الناس السّكينة السّكينة ، كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بآذان واحد وإقامتين ، ولم يسبّح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبيّن له الصّبح بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، فدعاه وكبّر وهلّله ووحّده. ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن عباس ، وكان رجلا حسن الشعر ، أبيض وسيما ، فلما دفع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرّت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهنّ ، فوضع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يده على وجه الفضل ، فحوّل الفضل وجهه إلى الشّقّ الآخر ينظر ، فحول رسول الله صلىاللهعليهوسلم يده من