الممكن من الأدعية ، وبادرنا وسط الزحام الحجر الأسعد ، وقد اضطرب القلب هيبته وارتعد ، فقبلنا يمين الله في أرضه ، والشاهد لمن قبله يوم عرضه إلى سيد الأحجار في الحرم الذي قضى الخالق الباري بتعظيم شأنه :
[الطويل]
حثثنا مطايا الشّوق والشوق في الفلا |
|
فجاءت بنا إنسان عين زمانه |
فطفنا ببيت الله بحمده سبعا على الصفة المأمور بها شرعا ، وصلينا خلف المقام ركعتي الطّواف ، متحققين بفضله تعالى إلا من كل ما يخاف ، وعدنا للبيت فوقنا بالملتزم ، ثم تضلعنا بحمد الله من ماء زمزم ، ثم خرجنا للسعي من باب الصفا ، كما كان يفعل معدن الصفا ، وبدأنا بما بدأ به الله ، (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)(٢٥٤) ، فارتقينا على الصفا ووقفنا ، وباستقبال الكعبة الشريفة تشرفنا ، فهللنا ما شاء الله وكبرنا ، ومن الأدعية المأثورة بقدر ما أمكننا أكثرنا ، فسعينا سبعا بين الصفا والمروة ، متمسكين من السنة بأوثق عروة ، فحلقنا على الإتمام ، ونزعنا بالإحلال لباس الإحرام.
ثم رجعنا إلى المسجد الحرام ، شاكرين الله على ما منّ من الإنعام ، ببلوغ المقاصد والمرام في مشاهدة ذلك المقام ، فلم نزل به حتى اجتمع وفدنا ، فدعانا المطوف الشيخ عبد اللطيف الكردي المتقدم ذكره إلى داره ، وهي قريبة من المسجد ، فأكرمنا وأحسن علينا ، وكنا تركنا أثاثنا بداره.
__________________
(٢٥٤) سورة البقرة ، أية ١٥٨.