أهلها فنزل الجيزة ، وكتب مروان بولايته على مصر ، فامتنع المصريون من ولاية حنظلة ، وأظهروا الخلع ، وأخرجوا حنظلة إلى الحوف الشرقيّ ، ومنعوه من المقام بالفسطاط ، وهرب ثابت بن نعيم من فلسطين يريد الفسطاط ، فحاربوه وهزموه ، وسكت مروان عن مصر بقية سنة سبع وعشرين ومائة ، ثم عزل حفصا مستهل سنة ثمان وعشرين.
وولي : الحوثرة بن سهيل (١) بن العجلان الباهليّ : فسار إليها في آلاف ، وقدم أوّل المحرّم ، وقد اجتمع الجند على منعه ، فأبى عليهم حفص ، فخافوا حوثرة ، وسألوه الأمان ، فأمّنهم ، ونزل ظاهر الفسطاط ، وقد اطمأنوا إليه فخرج إليه حفص ، ووجوه الجند ، فقبض عليهم ، وقيدهم ، فانهزم الجند ودخل معه عيسى بن أبي عطاء على الخراج لثنتي عشرة خلت من المحرّم ، وبعث في طلب رؤساء الفتنة ، فجمعوا له وضرب أعناقهم ، وقتل حفص بن الوليد ، ثم صرف في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائة ، وبعثه مروان إلى العراق فقتل ، واستخلف على مصر حسان بن عتاهية ، وقيل : أبا الجرّاح بشر بن أوس ، وخرج لعشر خلون من رجب ، وكانت ولايته ثلاث سنين وستة أشهر.
ثم ولي : المغيرة بن عبيد الله بن المغيرة الفزاريّ على الصلاة من قبل مروان ، فقدم لست بقين من رجب سنة إحدى وثلاثين ، وخرج إلى الإسكندرية ، واستخلف أبا الجرّاح الحرشي ، وتوفي لثنتي عشرة خلت من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فكانت ولايته عشرة أشهر ، واستخلف ابنه الوليد بن المغيرة ، ثم صرف الوليد في النصف من جمادى الآخرة.
وولى : عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير من قبل مرون على الصلات والخراج ، وكان واليا على الخراج قبل أن يولي الصلات في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فأمر باتخاذ المنابر في الكور ، ولم تكن قبله ، وإنما كانت ولاة الكور يخطبون على العصيّ إلى جانب القبلة ، وخرج القبط فحاربهم ، وقتل كثيرا منهم ، وخالف عمرو بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان على مروان ، واجتمع عليه جمع من قيس في الحوف الشرقيّ ، فبعث إليهم عبد الملك بجيش ، فلم يكن حرب ، وسار مروان بن محمد إلى مصر منهزما من بني العباس ، فقدم يوم الثلاثاء لثمان بقين من شوّال سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وقد سوّد أهل الحوف الشرقيّ ، وأهل الإسكندرية ، وأهل الصعيد وأسوان ، فعزم مروان على تعديه النيل ، وأحرق دار آل مروان المذهبة ، ثم رحل إلى الجيزة ، وخرق الجسرين ، وبعث بجيش إلى الإسكندرية ، فاقتتلوا بالكريون (٢) ، وخالفت القبط برشيد ،
__________________
(١) قائد فيه جفوة الأعراب أصله من قنسرين كان سفاكا للدماء ولي مصر في عهد بني مروان سنة ١٢٨ ه فصرفه مروان إلى العراق سنة ١٣١ ه وقتل على أيدي السفاح سنة ١٣٢ ه. الأعلام ج ٢ / ٢٨٨.
(٢) الكريون : موضع قرب الإسكندرية أوقع به عمرو بن العاص أيام الفتوح بجيوش الروم. معجم البلدان ج ٤ / ٤٥٨.