موسم شهر رمضان : وكان لهم في شهر رمضان عدّة أنواع من البرّ منها : كشف المساجد ، قال الشريف الجوّاني في كتاب النقط : كان القضاة بمصر إذا بقي لشهر رمضان ثلاثة أيام ، طافوا يوما على المشاهد ، والمساجد بالقاهرة ومصر ، فيبدأون بجامع المقس ، ثم بجوامع القاهرة ، ثم بالمشاهد ، ثم بالقرافة ، ثم بجامع مصر ، ثم بمشهد الرأس لنظر حصر ذلك ، وقناديله ، وعمارته ، وإزالة شعثه ، وكان أكثر الناس ممن يلوذ بباب الحكم ، والشهود ، والطفيليون يتعينون لذلك اليوم ، والطواف مع القاضي لحضور السماط.
إبطال المسكرات : قال ابن المأمون : وكانت العادة جارية من الأيام الأفضلية في آخر جمادى الآخرة من كل سنة : أن تغلق جميع قاعات الخمارين بالقاهرة ومصر ، وتختم ويحذر من بيع الخمر ، فرأى الوزير المأمون لما ولي الوزارة بعد الأفضل بن أمير الجيوش ، أن يكون ذلك في سائر أعمال الدولة ، فكتب به إلى جميع ولاة الأعمال ، وأن ينادى بأنه من تعرّض لبيع شيء من المسكرات ، أو لشرائها سرّا ، أو جهرا فقد عرّض نفسه لتلافها وبرئت الذمّة من هلاكها.
ومنها غرّة رمضان : وكان في أوّل يوم من شهر رمضان ، يرسل لجميع الأمراء ، وغيرهم من أرباب الرتب والخدم لكل واحد طبق ، ولكل واحد من أولاده ، ونسائه طبق فيه حلواء ، وبوسطه صرّة من ذهب ، فيعم ذلك سائر أهل الدولة ، ويقال لذلك غرّة رمضان.
ومنها ركوب الخليفة في أوّل شهر رمضان : قال ابن الطوير : فإذا انقضى شعبان اهتمّ بركوب أوّل شهر رمضان ، وهو يقوم مقام الرؤية ، عند المتشيعين ، فيجري أمره في اللباس والآلات ، والأسلحة ، والعرض والركوب والترتيب ، والموكب والطريق المسلوكة ، كما وصفناه في أوّل العام لا يختلّ بوجه ، ويكتب إلى الولاة ، والنوّاب والأعمال بمساطير مخلقة يذكر فيها ركوب الخليفة.
ومنها سماط شهر رمضان : وقد تقدّم ذكر السماط في قاعة الذهب من القصر.
سحور الخليفة : قال ابن المأمون : وقد ذكر أسمطة رمضان ، وجلوس الخليفة بعد ذلك في الروشن إلى وقت السحور ، والمقرئون تحته يتلون عشرا ، ويطرّبون بحيث يشاهدهم الخليفة ، ثم حضر بعدهم المؤذنون ، وأخذوا في التكبير ، وذكر فضائل السحور ، وختموا بالدعاء ، وقدّمت المخادّ للوعاظ ، فذكروا فضائل الشهر ، ومدح الخليفة والصوفيات ، وقام كل من الجماعة للرقص ، ولم يزالوا إلى أن انقضى من الليل أكثر من نصفه ، فحضر بين يدي الخليفة أستاذ بما أنعم به عليهم ، وعلى الفرّاشين ، وأحضرت جفان