هو القادر المهيمن الحافظ العهد والفضل لمحبيه وحافظي وصاياه لألف جيل.
وذكر أبو الحسن عليّ بن الحسين المسعوديّ في كتاب أخبار الزمان عن الأوائل : أنهم قالوا : كان في الأرض ثمان وعشرون ذات أرواح وأيد وبطش وصور مختلفات بعدد منازل القمر لكل منزلة أمّة منفردة تعرف بها تلك الأمّة ، ويزعمون أن تلك الأمم كانت الكواكب الثابتة تدبرها ، وكانوا يعبدونها ، ويقال : لما خلق الله تعالى البروج الاثني عشر قسم دوامها في سلطانها ، فجعل للحمل اثني عشر ألف عام ، وللثور أحد عشر ألف عام ، وللجوزاء عشرة آلاف عام ، وللسرطان تسعة آلاف عام ، وللأسد ثمانية آلاف عام ، وللسنبلة سبعة آلاف عام ، وللميزان ستة آلاف عام ، وللعقرب خمسة آلاف عام ، وللقوس أربعة آلاف عام ، وللجدي ثلاثة آلاف عام ، وللدلو ألفي عام ، وللحوت ألف عام ، فصار الجميع ثمانية وسبعين ألف عام ، فلم يكن في عالم الحمل والثور والجوزاء حيوان ، وذلك ثلاثة وثلاثون ألف عام ، فلما كان عالم السرطان تكوّنت دواب الماء وهوامّ الأرض.
فلما كان عالم الأسد تكوّنت ذوات الأربع من الوحش والبهائم ، وذلك بعد تسعة آلاف عام من خلق دواب الماء والهوام ، فلما كان عالم السنبلة ، تكوّن الإنسانان الأوّلان ، وهما : أدمانوس ، وحنوانواس ، وذلك لتمام سبعة عشر ألف عام لخلق دواب الماء ، وهوامّ الأرض ولتمام ثمانية آلاف عام من خلق ذوات الأرض ، وخلقت الأرض في عالم الميزان ، ويقال : بل خلقت الأرض أوّلا ، وأقامت خالية ثلاثة وثلاثين ألف عام ليس فيها حيوان ولا عالم روحانيّ ، ثم خلق الله تعالى هوامّ الماء ، ودواب الأرض ، وما بعد ذلك على ما تقدّم ذكره ، فلما تمّ أربعة وعشرون ألف عام لخلق دواب الماء وهوامّ الأرض ، ولتمام خمسة عشر ألف عام من خلق ذوات الأربع ، ولتتمة سبعة آلاف عام من لدن تكوّن الإنسانين خلقت الطيور.
ويقال : إنّ مدّة مقام الإنسانين ونسلهما في الأرض مائة ألف وثلاثة وثلاثون ألف عام منها لزحل : ستة وخمسون ألف عام ، وللمشتري أربعة وأربعون ألف عام ، وللمرّيخ ثلاثة وثلاثون ألف عام ، ويقال : إنّ الأمم المخلوقات قبل آدم هي كانت الجبلة الأولى ، وهي ثمان وعشرون أمّة بإزاء منازل القمر خلقت من أمزجة مختلفة أصلها : الماء ، والهواء ، والأرض ، والنار ، فتباين خلقها ، فمنها أمّة خلقت طوالا زرقا ذوات أجنحة كلامهم قرقعة على صفة الأسود ، ومنها أمّة أبدانهم أبدان الأسود ورؤوسهم رؤوس الطير لهم شعور ، وآذان طوال ، وكلامهم دويّ ، ومنها أمّة لها وجهان : وجه أمامها ، ووجه خلفها ، ولها أرجل كثيرة ، وكلامهم كلام الطير ، ومنها أمّة ضعيفة في صور الكلاب لها أذناب ، وكلامهم همهمة لا يعرف ، ومنها أمّة تشبه بني آدم أفواههم في صدورهم يصفرون إذا تكلموا تصفيرا ، ومنها أمّة يشبهون نصف إنسان لهم عين واحدة ، ورجل يقفزون بها قفزا ، ويصيحون كصياح الطير ، ومنها أمّة لها وجوه كوجوه الناس وأصلاب كأصلاب السلاحف في رؤوسهم قرون