فألقوا إليهم من طعامكم ، فإنّ لهم أنفسا يعني إنهم يأخذون بالعين.
وقد روي : أنّ الأرض كانت معمورة بأمم كثيرة منهم : الطمّ ، والرمّ ، والجنّ ، والبن ، والحسن ، والبسن ، وأنّ الله تعالى لما خلق السماء عمّرها بالملائكة ، ولما خلق الله الأرض عمرها بالجنّ ، فعاثوا وسفكوا الدماء ، فأنزل الله إليهم جندا من الملائكة ، فأتوا على أكثرهم قتلا وأسرا ، فكان ممن أسر إبليس ، وكان اسمه عزازيل ، فلما صعد به إلى السماء أخذ نفسه بالاجتهاد في العبادة والطاعة رجاء أن يتوب الله عليه ، فلما لم يجد ذلك عليه شيئا خامر الملائكة القنوط ، فأراط الله أن يظهر لهم خبث طويته ، وفساد نيته ، فخلق آدم فامتحنه بالسجود له ليظهر للملائكة تكبره ، وإبانة ما خفي عنهم من مكتوم أنبائه ، وإلى عمارة الأرض قبل آدم ممن أفسد فيها أشار بقوله تعالى حكاية عن الملائكة : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) [البقرة / ٣٠] يعنون كما فعل بها من قبل ، والله أعلم بمراده. وقال أبو بكر بن أحمد بن عليّ بن وحشية في كتاب الفلاحة : إنه عرّب هذا الكتاب ، ونقله من لسان الكلدانيين إلى اللغة العربية ، وإنه وجده من وضع ثلاثة حكماء قدماء وهم : صعريت وسوساد وفوقاي ابتدأه الأوّل ، وكان ظهوره في الألف السابعة من سبعة آلاف سني زحل ، وهي الألف التي يشارك فيها زحل القمر ، وتممه الثاني ، وكان ظهوره في آخر هذه الألف ، وأكمله الثالث ، وكان ظهوره بعد مضيّ أربعة آلاف سنة من دور الشمس الذي هو سبعة آلاف سنة ، وإنه نظر إلى ما بين زمان الأوّل والثالث ، فكان ثمانية عشر ألف سنة شمسية ، وبعض الألف التاسعة عشر ، وقد اختلف أهل الإسلام في هذه المسألة أيضا ، فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضياللهعنهما أنه قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة ، واليوم ألف سنة ، فذلك سبعة آلاف سنة ، وروى سفيان عن الأعمش عن أبي صالح قال : قال كعب الأحبار : الدنيا ستة آلاف سنة.
وعن وهب بن منبه أنه قال : قد خلا من الدنيا خمسة آلاف سنة وستمائة سنة إني لأعرف كل زمان منها ، ومن فيه من الأنبياء ، فقيل له : فكم الدنيا؟ قال : ستة آلاف سنة.
وروى عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضياللهعنهما أنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى مغرب الشمس».
وفي حديث أبي هريرة : الحقب ثمانون عاما اليوم منها سدس الدنيا ، والحقب هنا بكسر الحاء وضمها.
قال أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمدانيّ في كتاب الإكليل : وكأن الدنيا جزء من أربعة آلاف وسبعمائة وثلاثة وعشرين جزءا وثلث جزء من الحقب ، على أنّ السنة القمرية ثلثمائة وأربعة وخمسون يوما وخمس وسدس يوم ، فإذا كانت الدنيا ستة آلاف سنة ، واليوم ألف سنة تكون سنين قمرية ستة آلاف ألف سنة ، فإذا جعلناه جزءا وضربناه في أجزاء