المدرسة الظاهرية التي أنشأها الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ (١) ، وكان يعلو عقد باب الذهب منظرة يشرف الخليفة فيها من طاقات في أوقات معروفة ، وكان باب الذهب هذا هو أعظم أبواب القصر ، ويسلك من باب الذهب المذكور إلى باب البحر ، وهو الباب الذي يعرف اليوم : بباب قصر بشتاك ، مقابل المدرسة الكاملية ، وهو من باب البحر إلى الركن المخلق ، ومنه إلى باب الريح ، وقد أدركنا منه عضادتيه ، واسكفته ، وعليها أسطر بالقلم الكوفيّ ، وجميع ذلك مبنيّ بالحجر إلى أن هدمه الأمير الوزير المشير جمال الدين يوسف الإستادار ، وفي موضعه الآن قيسارية أنشأها المذكور بجوار مدرسته من رحبة باب العيد ، ويسلك من باب الريح المذكور إلى باب الزمرّذ ، وهو موضع المدرسة الحجازية الآن ، ومن باب الزمرّذ إلى باب العيد ، وعقده باق ، وفوقه قبة إلى الآن في درب السلامي بخط رحبة باب العيد ، وكان قبالة باب العيد هذا رحبة عظيمة في غاية الاتساع تقف فيها العساكر الكثيرة من الفارس والراجل في يومي العيدين تعرف : برحبة العيد ، وهي من باب الريح إلى خزانة البنود ، وكان يلي باب العيد السفينة ، وبجوار السفينة خزانة البنود ، ويسلك من خزانة البنود إلى باب قصر الشوك ، وأدركت منه قطعة من أحد جانبيه كانت تجاه الحمام التي عرفت بحمام الأيدمريّ ، ثم قيل لها في زمننا : حمام يونس بجوار المكان المعروف : بخزانة البنود ، وقد عمل موضع هذا الباب زقاق يسلك منه إلى المارستان العتيق ، وقصر الشوك ، ودرب السلامي وغيره ، ويسلك من باب قصر الشوك إلى باب الديلم ، وموضعه الآن المشهد الحسينيّ ، وكان فيما قصر الشوك ، وباب الديلم رحبة عظيمة تعرف برحبة قصر الشوك ، أوّلها من رحبة خزانة البنود ، وآخرها حيث المشهد الحسينيّ الآن ، وكان قصر الشوك يشرف على اصطبل الطارمة ، ويسلك من باب الديلم إلى باب تربة الزعفران ، وهي مقبرة أهل القصر من الخلفاء ، وأولادهم ونسائهم ، وموضع باب تربة الزعفران فندق الخليليّ في هذا الوقت ، ويعرف بخط الزراكشة العتيق ، وكان فيما بين باب الديلم ، وباب تربة الزعفران الخوخ السبع التي يتوصل منها الخليفة إلى الجامع الأزهر في ليالي الوقدات ، فيجلس بمنظرة الجامع الأزهر ، ومعه حرمه لمشاهدة الوقيد والجمع ، وبجوار الخوخ السبع اصطبل الطارمة ، وهو برسم الخيل الخاص المعدّة لركاب الخليفة ، وكان مقابل باب الديلم ، ومن وراء اصطبل الطارمة الجامع المعدّ لصلاة الخليفة بالناس أيام الجمع ، وهو الذي يعرف في وقتنا هذا بالجامع الأزهر ، ويسمى في كتب التاريخ : بجامع القاهرة ، وقدّام هذا الجامع رحبة متسعة من حدّ اصطبل الطارمة إلى الموضع الذي يعرف اليوم : بالأكفانيين ، ويسلك من باب تربة الزعفران إلى باب الزهومة ، وموضعه الآن باب سرّ قاعة
__________________
(١) صاحب الفتوحات والأخبار والآثار كان مملوكا للأمير علاء الدين البندقدار ثم أخذه الملك الصالح نجم الدين أيوب فأعتقه ثم صار أتابك العساكر في أيام الملك المظفر قطز ثم استولى على مصر والشام وله وقائع مع التتار والإفرنج ولد سنة ٦٢٥ ه وتوفي سنة ٦٧٦ ه. الأعلام ج ٢ / ٧٩.