إليه ابن أبي حذيفة بجيش آخر فاقتتلوا بخربتا (١) في أوّل شهر رمضان سنة ست وثلاثين ، فانهزم الجيش ، وأقامت شيعة عثمان بخربتا.
وقدم معاوية بن أبي سفيان يريد الفسطاط ، فنزلت سلمنت (٢) في شوّال ، فخرج إليه ابن أبي حذيفة في أهل مصر ، فمنعوه ثم اتفقا على أن يجعلا رهنا ، ويتركا الحرب ، فاستخلف ابن أبي حذيفة على مصر : الحكم بن الصلت ، وخرج في الرهن هو وابن عديس ، وعدّة من قتلة عثمان ، فلما بلغوا لدّا سجنهم معاوية بها ، وسار إلى دمشق ، فهربوا من السجن ، وتبعهم أمير فلسطين ، فقتلهم في ذي الحجة سنة ست وثلاثين.
قيس بن سعد (٣) بن عبادة الأنصاري : ولاه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه ، لما بلغه مصاب ابن أبي حذيفة ، وجمع له الخراج والصلاة ، فدخل مصر مستهل ربيع الأوّل سنة سبع وثلاثين ، فاستمال الخارجية بخربتا شيعة عثمان ، وبعث إليهم أعطياتهم ، ووفد عليهم وفدهم ، فأكرمهم ، وكان من ذوي الرأي ، فجهد عمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان على أن يخرجاه من مصر ليغلبا على أمرها ، فإنها كانت من جيش عليّ رضياللهعنه ، فامتنع منهما بالدهاء والمكايدة ، فلم يقدرا على مصر ، حتى كاد معاوية قيسا من قبل عليّ رضياللهعنه ، فأشاع أن قيسا من شيعته ، وأنه يبعث إليه بالكتب والنصيحة سرّا ، فسمع ذلك جواسيس عليّ رضياللهعنه ، وما زال به محمد بن أبي بكر ، وعبد الله بن جعفر ، حتى كتب إلى قيس بن سعد يأمره بالقدوم إليه ، فوليها إلى أن عزل أربعة أشهر وخمسة أيام ، وصرف لخمس خلون من رجب سنة سبع وثلاثين ، فوليها :
الأشتر مالك بن الحارث بن خالد النخعيّ من قبل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، فلما قدم القلزم شرب عسلا فمات ، فبلغ ذلك عمرا ومعاوية ، فقال عمرو : إن لله جنودا من عسل.
ثم وليها : محمد بن أبي بكر الصدّيق من قبل عليّ رضياللهعنه ، وجمع له صلاتها وخراجها ، فدخلها للنصف من رمضان سنة سبع وثلاثين ، فهدم دور شيعة عثمان ، ونهب أموالهم وسجن ذراريهم ، فنصبوا له الحرب ، ثم صالحهم على أن يسيرهم إلى معاوية ، فلحقوا بمعاوية بالشام ، فبعث معاوية عمرو بن العاص في جيوش أهل الشام إلى الفسطاط وتغيب ابن أبي بكر ، فظفر به معاوية بن خديج فقتله ، ثم جعله في جيفة
__________________
(١) خربتا : قرية بمديرية البحيرة مركز كوم حمادة.
(٢) سلمنت : قرية من كورة عين شمس.
(٣) هو قيس بن سعد بن دليم الأنصاري الخزرجي كان سيدا مطاعا جوادا كريما من دهاة العرب. وروى لو لا أني سمعت الرسول صلىاللهعليهوسلم يقول : «المكر والخديعة في النار لكنت من أمكر العرب» توفي سنة ٦٠ ه. النجوم الزاهرة ج ١.