وها أنا أجري منه (١) على حسن معتقده ، وأكله في هذا الغرض إلى ما رآه بمقتضى تودّده ، وأجيز له ولولديه ، أقرّ الله بهما عينه ، وجمع بينهما وبينه ، رواية جميع ما نقلته وحملته (٢) ، وحسن اطلاعه يفصّل من ذلك ما أجملته ، فقد أطلقت لهم الإذن في جميعه ، وأبحت لهم الحمل عني ولهم الاختيار في تنويعه. والله سبحانه وتعالى (٣) يخلّص أعمالنا لذاته ، ويجعلها في ابتغاء مرضاته. قال هذا (٤) محمد بن عبد الرحمن بن الحكيم حامدا لله عزّ وجلّ ، ومصلّيا ومسلما.
وفاته : قتل ، رحمه الله ، صبيحة عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة (٥) ، وذلك لتاريخ خلع سلطانه. واستولت (٦) يد الغوغاء على منازله ، شغلهم بها مدبّر الفتنة خيفة من أن يعاجلوه قبل تمام أمره ، فضاع بها مال لا يكتب ، وعروض لا يعلم لها قيمة من الكتب ، والذّخيرة والفرش والآنية والسلاح والمتاع والخرثيّ ، وأخفرت ذمّته (٧) ، وتعدّي به عدوة القتل إلى المثلة (٨) ، وقانا الله مصارع السوء ، فطيف بشلوه ، وانتهب فضاع ولم يقبر ، وجرت فيه شناعة كبيرة ، رحمه الله تعالى.
مولده : برندة ظهر يوم الاثنين الحادي والعشرين من ربيع الأول المبارك ، من عام ستين وستمائة. وممّن رثاه شيخنا أبو بكر بن شبرين رحمه الله تعالى بقوله (٩) : [الطويل]
سقى الله أشلاء كرمن على البلى |
|
وما غضّ من مقدارها حادث البلا |
وممّا شجاني أن أهين مكانها |
|
وأهمل قدر ما عهدناه مهملا |
ألا اصنع بها يا دهر ما أنت صانع |
|
فما كنت إلّا عبدها المتذلّلا |
سفكت وما كان الرّقوء نواله |
|
لقد جئتها (١٠) شنعاء فاضحة الملا |
__________________
(١) في المصدرين : «معه».
(٢) في أزهار الرياض : «ما حملته ونقلته».
(٣) في أزهار الرياض : «والله عزّ وجلّ يخلّص ...».
(٤) في الأزهار : «قال هذا وكتبه محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى بن محمد اللخمي بن الحكيم ، عفا الله عنه ، حامدا الله عزّ وجلّ ، ومصليا على رسوله المصطفى ، ومسلما عليه وعلى آله ، في منتصف جمادى الآخرة عام ثلاثة وسبعمائة».
(٥) كذا جاء في نفح الطيب (ج ٣ ص ٣٦٧).
(٦) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٥٠ ـ ٥١).
(٧) أخفرت ذمّته : نقضت عهوده ولم تحفظ حرمته. لسان العرب (خفر).
(٨) المثلة : التمثيل بالقتل. لسان العرب (مثل).
(٩) القصيدة في نفح الطيب (ج ٨ ص ٨٥ ـ ٨٧).
(١٠) في النفح : «جئتما».