وسرت إلى فاراب منها نفحة |
|
قدسيّة جاءت بنخبة آلها (١) |
ليصوغ من ألحانه في حانها |
|
ما سوّغ القسيس من أرمالها |
وتعلقت (٢) في سهرورد (٣) فأسهرت |
|
عينا يؤرّقها طروق خيالها |
فخبا شهاب الدّين لمّا أشرقت |
|
وخبا (٤) فلم يثبت لنور جلالها |
ما جنّ مثل جنونه أحد ولا |
|
سمحت يد بيضا بمثل نوالها |
وبدت على الشّوذيّ (٥) منها نفحة (٦) |
|
ما لاح منها غير لمعة آلها |
بطلت حقيقته وحالت حاله |
|
فيما يعبّر عن حقيقة (٧) حالها |
هذي صبابتهم ترقّ صبابة |
|
فيروق شاربها صفاء زلالها |
اعلم أبا الفضل بن يحيى أنني |
|
من بعدها أجري على آسالها (٨) |
فإذا رأيت مولّها (٩) مثلي فخذ |
|
في عذله إن كنت من عذّالها |
لا تعجبنّ لما ترى من شأنها |
|
في حلّها إن كان أو ترحالها |
فصلاحها بفسادها ونعيمها |
|
بعذابها ورشادها بضلالها |
ومن العجائب أن أقيم ببلدة |
|
يوما وأسلم من أذى جهّالها |
شغلوا بدنياهم أما شغلتهم |
|
عنّي فكم ضيّعت من أشغالها |
حجبوا بجهلهم فإن لاحت لهم |
|
شمس الهدى عبثوا (١٠) بضوء ذبالها |
وإن انتسبت فإنني من دوحة |
|
تتقيّل (١١) الأقيال برد ظلالها |
من حمير من ذي رعين من ذرى (١٢) |
|
حجر من العظماء من أقيالها |
وإذا رجعت لطينتي معنى فما |
|
سلسالهم (١٣) بأرقّ من صلصالها |
__________________
(١) إشارة إلى الفارابي الفيلسوف وقدرته في الموسيقى.
(٢) في المصدرين : «وتغلغلت».
(٣) هنا إشارة إلى السّهروردي المتصوف.
(٤) في المصدرين : «وخوى».
(٥) الشوذي : هو الشيخ أبو عبد الله الحلوي ، أحد فقهاء مرسيه ، والشوذية طريقة صوفية تشبه طريقة ابن عربي ، إلّا أنها أكثر إيجابية.
(٦) في المصدرين : «نشوة».
(٧) في الأصل : «حقيقته» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من المصدرين.
(٨) من هنا حتى آخر القصيدة غير وارد في نفح الطيب. وفي أزهار الرياض : «أحرى على آمالها».
(٩) في أزهار الرياض : «مدلّها».
(١٠) في الأصل : «عشوا» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من أزهار الرياض.
(١١) في أزهار الرياض : «يتفيّأ الإنسان برد ...».
(١٢) في الأزهار : «ذوي».
(١٣) في الأزهار : «سلساله».