أولهما : حرص ابن يونس على البحث عن القيم الأخلاقية فى مترجميه ، وإثباتها فى كتابيه ، وكثيرا ما يذكر صفات الزهد والعبادة ، والصلاح والفضل لمن يستحق الاتصاف بذلك منهم (١).
ثانيهما : يلاحظ أن الغالب على تراجم ابن يونس الوجازة والقصر ، إلا أنه ـ فى الغالب ـ يطيل فى تراجم الصالحين والعباد والزهاد ، ذاكرا تفاصيل صلاحهم ، وزهدهم ، وكثرة عبادتهم ، وبعض كراماتهم ، وبعض نواحى حياتهم (٢).
ه ـ حسه الوطنى الصادق :
وذلك واضح مما ذكرناه ـ قبلا ـ عن عدم ارتحاله خارج بلده مصر ، واقتصار مؤلّفيه التاريخيين على «علماء بلده ، وعلماء البلاد الأخرى الذين قدموا إلى بلده مصر ، فأفادوا واستفادوا». وبالنظر إلى بعض تراجم كتابيه ، نلمح نبرة الإعجاب بوطنه ، وذلك من خلال الحرص على الترجمة لأناس ، تروى عنهم عدة آثار ، تمجّد مصر ، وتذكر فضائلها ، ومظاهر الخير والثراء والنعيم بها ، إلى جانب ما تتمتع به من البركة والنماء والجمال منذ أقدم العصور (٣).
__________________
(ترتيب المدارك ٢ / ٧٩). فلعل مؤرخنا آل إليه شىء من إرث جده عن طريق والده ، كان يتكسب منه ؛ لأن العلم غلب على حياة مؤرخنا (من البداية إلى النهاية) ، ولابد أن يكون له مصدر رزق ثابت ، يكفيه هموم السعى على الرزق ، ويفرغه للعلم.
(١) راجع (تاريخ الغرباء) ، تراجم أرقام : ١١٩ ، ١٤٠ ، ٣٣٣ ، ٣٣٧.
(٢) راجع فى ذلك (تاريخ المصريين) : ترجمتى (٦١٤ ، ٦٧٣). وفى (تاريخ الغرباء (ترجمة ١١٩ ، ١٦٨ وهى مطولة). وأحيانا ، كان يكتفى ابن يونس بالإشارة إلى أن للمترجم له أخبارا تطول فى ذكر عبادته (راجع المصدر السابق : ترجمة ٢٠٢).
(٣) راجع فى ذلك (تاريخ المصريين) ، ترجمة عمرو بن العاصى رقم ١٠٢٦ ، وهى تتصل ببركات جبل المقطم ، ودفن عدد من الصحابة فى سفح المقطم) ، وترجمة الصحابى أبى بصرة الغفارى رقم ١٤٢٤ (وما قاله عن ملك مصر وخزائنها ، وما ورد عن ذلك فى القرآن منذ عهد يوسف (عليهالسلام) ، وترجمة أبى رهم السّماعى رقم ١٤٢٩ (عن عظمة مصر ، وأنهارها ، وجسورها وقناطرها ، ونيلها وجناتها). وراجع (تاريخ الغرباء) ، ترجمة (كعب الأحبار) رقم ٤٦٦ : وصف مصر بأنها تشبه الجنة ، فى نباتاتها ، وأزهارها.