الأوصاف ، التى قد يكون لها أساس نابع من غرابة شخصيات المخترعين والمكتشفين ، لكنها بولغ فى عرضها ووصفها ؛ نتيجة للأسباب السالف ذكرها.
أما الجانب الآخر الذي يهمنا ، فيتمثل فيما يلى :
أ ـ يبدو أن مؤرخنا «ابن يونس» عنى بابنه «علىّ» منذ صغره ، فكان يصطحبه معه إلى مجالس المحدّثين (١) ، إذ كان حريصا ـ فيما يبدو ـ على أن يتلقى علوم العربية والشريعة «خاصة الحديث ، والتاريخ» ، بحيث يكون امتدادا له.
ب ـ أعتقد أن ابن يونس نجح فى القيام بواجبه تجاه ابنه ، الذي بلغتنا بعض تراجم كتابى : «تاريخ المصريين» (٢) ، و «تاريخ الغرباء» (٣) عن طريقه. ولكنى أعتقد ـ أيضا ـ أن مؤرخنا «ابن يونس» رحل عن الوجود ، وخلّف ابنه «عليّا» فى مقتبل العمر (٤) ، فلم يجد من يواصل المسير به فى نفس اتجاه أبيه ، فنحا نحوا آخر «تجاه العلوم الرياضية ، والفلكية» ، ولعل قدراته كانت تتوافق مع طبيعة هذه العلوم ، فتوقفت معارفه الحديثية والتاريخية عند الحدود التى وصل إليها فى حياة والده ، أو لم يقم بتنميتها ؛ لغلبة الاتجاه
__________________
(١) راجع : (تاريخ المصريين) لابن يونس (ترجمة رقم ١٣٥٣ ـ هارون بن يونس بن هارون الأسوانى) ، الذي قال عنه ابن يونس : سمعت عنه ، ومعى ابنى (علىّ).
(٢) راجع ترجمة (الحارث بن مسكين المتوفى سنة ٢٥٠ ه) ، رقم ٢٦٩ الواردة فى (تاريخ بغداد ٨ / ٢١٨ : أنبأنا أحمد بن محمد العتيقىّ ، ثنا علىّ بن أبى سعيد بن يونس ، قال : ثنا أبى ، قال) ، وترجمة (الحسن بن عبد العزيز الجروى المتوفى سنة ٢٥٧ ه) ، رقم ٣١٤ الواردة فى المصدر نفسه ٧ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ (بالإسناد نفسه) ، وترجمة (عبد الرحمن بن أبى صالح المتوفى سنة ٢٥٢ ه) رقم ٨٢٤ الواردة فى (المصدر نفسه) ١٠ / ٢٧٠ ـ ٢٧١ (بالإسناد نفسه).
(٣) راجع ترجمة (طاهر بن خالد بن نزار الأيلى المتوفى سنة ٢٦٣ ه) رقم ٢٦٥ الواردة فى (المصدر نفسه) ٩ / ٣٥٦ (بالإسناد نفسه) ، وترجمة (على بن بهرام بن يزيد الإفريقى) ، رقم ٣٩٨ الواردة فى (المصدر نفسه) ١١ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ (بالإسناد نفسه ، وإن كان روى عن العتقى قراءة) ، و (موسى بن جميل البغدادى) ، رقم ٦٣٨ الواردة فى المصدر نفسه ١٣ / ٤١) ، وترجمة (هشام ابن معدان المتوفى ٢١٣ ه) ، رقم ٦٥٩ الواردة فى المصدر نفسه ١٤ / ٤٧ (بالإسناد نفسه) ، وترجمة (يحيى بن محمد بن خشيش المتوفى بعد سنة ٢٨٠ ه) ، رقم ٦٨٢ الواردة فى المصدر نفسه ١٤ / ٢٢٣ (بالإسناد نفسه).
(٤) هذا على الراجح ؛ لأننا لم نقف على تاريخ ميلاد (علىّ) ، لكنه إذا كان قد توفى بعد والده ب (٥٢ عاما) ، وكان العلماء الذين روى عن والده تراجمهم غير معاصرين له ؛ كان ما رجحناه أقرب إلى الحقيقة والواقع.