التفصيل الوافى ، الذي يضع أيدينا ـ بالضبط ـ على عوامل وعلل سمو المنزلة الاجتماعية ، وأهم مظاهرها فى «المجتمع المصرى» ، وطبيعة النظرة إلى العلماء المصريين ، والغرباء فى مصر من قبل الحكام ، والناس.
وعلى كل ، فإنه ـ من خلال ما تم تجميعه ـ يمكن التقاط بعض الإشارات الخفيفة.
فعلى مستوى «تاريخ المصريين» ، ذكر ابن يونس أن لبعض المترجمين مكانة لدى الحكام فى مصر (١) ، ولبعضهم مكانة متميزة لدى الخلفاء خارجها (٢) ، سواء عرفت ملامح تلك المكانة ، أم لم تعرف (٣). وبعضهم كان شريفا بمصر فى أيامه ، وأجلّ أهل بلده ، ومن أهل النعم (٤). والبعض استمد مكانته من رئاسته فى قومه ، وفخامة قصره ، وكثرة أتباعه وغلمانه (٥). وأخيرا ، فإن بعض العلماء لم يكن من الأغنياء ؛ زهادة وتعففا (٦).
وبخصوص العلماء الغرباء بمصر ، فقد حظى عدد منهم بمكانة اجتماعية سامية لدى الناس (٧) ، وبعضهم كانت له منزلته لدى السلطان والعامة (٨) ، والبعض الآخر عدّ من وجوه أهل مصر بعد إقامته بها ، حتى إنه جالس الخليفة المأمون بعد مجيئه إلى مصر (٩).
__________________
(١) تاريخ المصريين : (ترجمة سويد بن قيس) ، رقم (٦١٦) ، الذي قال عنه : كان عبد العزيز بن مروان يرسله فى أموره.
(٢) المصدر السابق : (ترجمة ١٠٧٥) ، وفيها ترجم ل (القاسم بن سعيد) ، وقال عنه : وفد على مروان بن محمد ، وأعجب به. وكان خطيبا بليغا ، جعله يجيب الخطباء فى الآفاق.
(٣) من التراجم التى لا يعرف وجه مكانة ذويها لدى الحكام تحديدا (ترجمة ٦٤٥ ، ٧٤٩) فى (السابق). وهناك آخرون لهم مكانة عند أهل مصر ، لم تذكر تحديدا (السابق : ترجمة ١٢٣ ، ٦٢٣ ، ٦٦٩).
(٤) السابق : ٧٣١ (فى الإسكندرية) ، ١٠٧٧ (فى البلينا بالصعيد).
(٥) السابق : ترجمة رقم ١١٠٣ (هو كريب بن أبرهة ، الذي كان على عهد عبد العزيز بن مروان).
(٦) السابق : ترجمة رقم ١٢٠٨ (هو محمد بن زبّان بن حبيب) ، الذي قيل عنه : متقلل فقير ، لم يكن يقبل من أحد شيئا.
(٧) تاريخ الغرباء : (ترجمة عمرو بن أحمد بن طشويه) ، رقم (٤٢٤) ، وكان تاجرا. وترجمة (محمد بن الحسين بن زيد) ، رقم (٥٢٠) ، وقال عنه : منزلته جليلة بتنيس ، جلد عاقل ، له محل ولسان. وترجمة (محمد بن حبش الواعظ) ، رقم (٥١١) ، وبها مقومات مكانته لدى الناس : (حافظ للقرآن ، قاصّ واعظ مؤثر فى قلوب ونفوس الناس ، يصلى بهم التراويح فى رمضان ، كريم سخىّ).
(٨) المصدر السابق : (ترجمة ٤٩٧ ، ٥٥٦).
(٩) السابق : (ترجمة ٣٤٠).