فرأيه جديد ، وله وجاهته ، إذ إنه فصل فى القضية بوضوح ، فجعل «أبيض» غير المنسوب هو الصحابى الذي غيّر الرسول صلىاللهعليهوسلم اسمه ، ونزل مصر (١) ، على نحو ما جاء لدى ابن يونس. أما «أبيض بن حمّال» ، فلم يغيّر الرسول صلىاللهعليهوسلم اسمه ، ولا يصح نسبة الحديث الوارد فى حقه ؛ لأن هذا الصحابى ـ كما هو واضح من نسبه ـ يمنى ، عاد إلى «مأرب» من أرض اليمن ، بعد لقائه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم يثبت نزوله مصر (٢). هذا هو الرأى الصائب فى نظرى ، وهو يصحح خطأ ابن يونس ، ويقطع فيما ظنه ، وتردد فيه.
د ـ تراجم مشتركة فى جزء من النسب : وأوضح مثال على ذلك : أن مؤرخنا ترجم ل «عبد الله بن مالك بن أبى الأسحم ... الرعينى ، ثم الجيشانى» ، وهو من كبار التابعين ، وتوفى سنة ٧٧ ه (٣). وبعده ترجم ل «عبد الله بن مالك اليحصبى المقرئ» ، وذكر أنه هو «أبو تميم الجيشانى» (٤) ، أى : السابق ذكره فى الترجمة الماضية. وأخيرا ، ذكر «ترجمة عبد الله بن مالك بن عبد الله بن سيف التجيبى» ، وهو شيخ القراءات فى عصره. توفى سنة ٣٠٧ ه (٥).
وأعتقد أن ابن يونس نجح فى التفرقة بين الترجمتين الأوليين معا ، والترجمة الثالثة ، لكن يثور سؤال مفاده : لم جعل للترجمتين الأوليين ترجمتين منفصلتين ، رغم اعترافه أنهما لشخص واحد؟! والجواب : تعمّد ذلك ؛ لسبب مجهول لنا غير معلوم. فالأولى أن يضم الترجمتين معا ؛ أمنا للبس. ولعله لم يتمكن من مراجعتهما وتنقيحهما. فلا صحة لما يذكره ابن حجر من أن ابن يونس ما ترجم إلا لأبى تميم فحسب ، ولم ينبّه على أنهما واحد (٦) ، فذلك يدحضه نقل الذهبى ، عن ابن يونس (٧) ، بل ما ذكره ابن
__________________
ف (رياض النفوس) للمالكى ذكر الصحابى (أبيض غير منسوب) ، وأسند الحديث إليه (ج ١ ص ٦١ ، طبعة مؤنس ، ١ / ٩٥ : طبعة بيروت). أما الدباغ فى (المعالم) ١ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ، فذكر سند الحديث كاملا ، وليس فيه ابن يونس. وقام بنسبة الحديث إلى (أبيض بن حمّال).
(١) أسد الغابة ١ / ٥٨.
(٢) أسد الغابة : ١ / ٥٧.
(٣) تاريخ المصريين ، ترجمة رقم (٧٦٧).
(٤) المصدر السابق : ترجمة (٧٦٨).
(٥) المصدر السابق : رقم (٧٦٩).
(٦) تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣٤.
(٧) ورد فى (الكاشف ، طبعة دار الكتب العلمية) ج ٢ ص ١١٠ : هو أبو تميم الجيشانى.