بالفرمان المشار إليه عقد له موكب كأعلى ما يمكن من المواكب ، وألبس الوالي النيشان ، ثم تشرف بالفرمان وعظمه ثم قرأه علنا وهذا نص تعريبه :
بتعريب الباب العالي الدستور المكرم المشير المفخم نظام العالم ، مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب ، متمم مهمات الأنام بالرأي الصائب ، ممهد بنيان الدولة والإقبال مشيد أركان السعادة والإجلال ، المحفوف بصفوف عواطف الملك الأعلى الوالي بتونس الآن ، الحائز الحامل للنيشان المجيدي الشريف من رتبة الأولى مع النيشان ، الهمايوني العثماني المرصع ، وزيري محمد الصادق باشا أدام الله تعالى إجلاله آمين.
ليكن معلوما عندما يصلكم توقيعي الرفيع الهمايوني ، أنه منذ وجهت وأودعت من جانب سلطنتنا السنية إدارة الإيالة التونسية التي هي من ممالك دولتنا العلية المحروسة المتوارثة التي عهدتك ذات اللياقة والأهلية ، كما وجهت سابقا إلى عهدة أسلافك لم تزل تظهر حسن السيرة والخدمة وتنهى إلى طرفنا الملوكي الأشرف خلوص النية والإستقامة ، حتى صار ذلك قرينا لعلمنا المضيء بالعالم فمأمولنا السلطاني على مقتضى الشيم المرضية ، التي جبلت عليها هو الدوام في ذلك المسلك المرضي والجد والاجتهاد في كل ما ينمي عمران مملكتنا الشاهانية ، وسعادة أهاليها تبعة دولتنا العلية ورفاهيتهم وراحتهم ، حتى تستديم بذلك استحقاق عنايتي الشاهانية واعتمادي السلطاني المبذولين في حقك وإن فئنا وتعرف قدر تلك العناية والاعتماد وتشكرهما.
ولما كان المقصود الأصلي والمراد القطعي لسلطنتنا السنية هو ارتقاء طمأنينة الإيالة المهمة الراجعة لدولتنا العلية ونمو عمرانها وتأسيس أبنية الأمن والراحة لسكانها يوما فيوما ، وكان من البديهيات أن السلطنة العزيزة لا يعزها ولا يؤودها صرف الهمّة والعناية العائدة إلى حقوقها الأصلية لتمام استحصال هاته المطالب ، وورد الطلب المندرج بكتابك المخصوص الموجه من طرفك أخيرا إلى جانب الخلافة العلية ، قررت وأبقيت إيالة تونس المحدودة بحدودها القديمة المعلومة بعهد تال بضم امتياز الوراثة وبالشروط الآتية ، وحيث أن مرغوبنا السلطاني على ما تقدّم بيانه إنما هو تزايد عمران تلك المملكة الشاهانية وثروة أهاليها وهي الآن في حالة مضايقة وتأخر في الواردات لكل من الحكومة والأهالي ، قد سمحت السلطنة السنية بعدم إرسال ما كان يرسل بإسم معلوم من الإيالة لطرف دولتنا العلية بموجب التبعية المقرّرة المشروعة رحمة لأهالي تلك الإيالة ، ولما كانت الإيالة المشار إليها من الأجزاء المتممة لمملكتنا الملوكية ، صدرت إرادتنا السنية بأن يكون الوالي بتونس مرخصا له في تولية المناصب الشرعية والعسكرية والملكية والمالية وهما السياسة لمن يكون متأهلا لها ، وفي العزل عنها بمقتضى قوانين العدل وفي إجراء المعاملات المعلومة مع الدول الأجنبية كما كانت سابقا فيما عدا المواد البوليتكية العائدة إلى حقوقنا المقدّسة الملوكية ، ونعني بها