يجتمعون إلا في مهم ، كما أن لكل صناعة أمينا يفصل الخصومات المتعلقة بالصناعة.
وثالث عشرها : كاهية دار الباشا ، وله فصل الجنايات الخفيفة حول الحاضرة ، فهاته هي أهم الرتب السياسية والعسكرية.
وأما العلمية :
فأوّلها : الباش مفتي الحنفي ، أي رئيس المفتيين ثم المالكي ثم المفتي الحنفي ثم المالكي ، وقد يزاد على واحد في كل من المذهبين ، ثم قاضيان لكل مذهب قاض ثم قاضي باردو ثم قاضي المحلة ، أي المعسكر المسافر مع وارث الولاية ، ثم قضاة المدن الكبيرة ومفاتيها. ثم قضاة المدن الأخرى والجميع مالكية إلا ما يحدث أحيانا من ولاية مفتي حنفي في المهدية والمستير ، فهؤلاء أصحاب الأحكام.
وهناك وظائف دينية كالمدرس والإمام والخطيب وصاحب الولاية ، أي الأمير يجلس يوميا بمحل يسمى المحكمة صباحا لتلقي المشتكين من العمال والمتوظفين ومن الحرابة وقطع الطريق وأمثال ذلك ، أما نوازل المعاملة بين الناس فهي للحكام الشرعيين ، ونوازل التجارة لمجلسها والجنايات الخفيفة يباشرها الداي ، وله الجبس مع الأعمال الشاقة المسمى بالكراكة ، وله الضرب ثلاثمائة سوط فقط وأعظم به من مبلغ حرمة الشرع ، وهكذا كل نازلة فإنها ترجع إلى حكامها ممن مر بيانهم مع التوقير التام للحكام أهل الشرع ونفوذ أحكامهم ولو على ذوي المناصب العالية ، ويجتمع رؤساء المفتيين والمفتيون والقاضيان وقاضي باردو يوم الأحد بمحضر الوالي ، وتورد عليهم سائر النوازل المهمة في الحقوق الشخصية ، وليس للوالي إلا تنفيذ ما يحكمون به مع غاية التعظيم والتوقير ، ولا زال طرف من هذا العمل إلى الآن بحيث أن هيبة العلماء وتوقير الشريعة لا زالت في القطر التونسي على بعض ما يجب لها من الإجراء ، وكذلك سائر الشعائر الدينية ، ولقد أدركت أن سب الدين لا يمكن أن يكنى عنه بهاته العبارة تعظيما وتوقيرا ، بل يكنى عنه بسب المنكر ، وترى الكبير والصغير يقول : من سب المنكر أذيب الرصاص في حلقه كأنه هو حكمه المعروف ، وكذلك سائر العبارات الفاحشة مما يكنى به عن العورات لا تذكر أبدا ومن يذكرها في خلواته يعد من السفهاء ولقد تغيرت في هذا المعنى الحال ولله الأمر.
وأما ما يتعلق بالجباية وصرفها فقد كان لا يؤخذ من الأهالي إلا أعشار الحبوب من القمح والشعير ثم عشر الزيت ، وأداء مالي حسب مقدار مرتب العساكر الينكشارية مقسم على بلدان القطر يؤدّى على ستة أقساط في السنة وهو نزر يسير ، ثم العاشر وهو المسمى في العرف بالقمرق ، ثم مداخيل الأراضي والأملاك الراجعة لبيت المال مع ضرائب ضعيفة على القبائل مثل البلدان المارّ ذكرها ، عوضا عن زكاة المكاسب يوزعها على أفرادهم مشايخهم وعرفاءهم ، كل قبيلة بحسب حالها. ولما امتدّت أيدي العمال بما يسمونه الهواء وهو أخذ ما يقدمه أهل العمل للعامل برسم الضيافة ، ثم ما يلتقطه منهم بإسم وهبة أي