الحنفية محمد بيرم الرابع بشيخ الإسلام ، وفي العساكر النظامية صير لها رؤساء على مقتضى أصل اصطلاحهم وأهمها على الترقي بين باشي ثم آلاي أميني ثم قائم مقام ثم أمير آلاي ثم أميرلوا ثم أمير الأمرا أو فريق ، وإنشاء النياشين المسماة بالافتخار وجعل له خمسة رتب ثم العليا وتسمى افتخارا أكبر ومعه شريط من الحرير أخضر يسمى بالفاشه ويلبس على الكتف والصدر والظهر على هيئة حمائليه ، ثم نيشان آل بيته خاص بهم ويعطى للملوك وأعيان بعض الكبراء ، وشكل للوظائف السياسية وزراء ، ولقب كلا منهم بالوزير في خطاباته الرسمية إلا إذا عرض ذلك في مكاتيب الدولة العلية فإنه يتحاشا عنه ، وأوّل من تلقب بتلك الألقاب في هذا القطر هم الوزير مصطفى صاحب الطابع ، وهو رئيس الوزراء عند اجتماعهم وصاحب التقدم عليهم لسنه وسابق تربيته للوالي ، لكنه لا تصرف له في شيء معين ، ثم الوزير مصطفى خزنه دار وزير العمالة أي الداخلية والمالية ، ثم مصطفى أغا وزير الحرب ثم محمود كاهيه وزير البحر ثم جوزاف رافو وزير الخارجية وفي آخر مدته لقب الداي بوزير التنفيذ وهو إذ ذاك كشك محمد ، وكان كل من هؤلاء الوزراء يباشره بنفسه فيما يتعلق بوظيفته ولا يتداخل واحد في وظيفة الآخر بشيء ولا نفوذ لأحدهم على الآخرين رسميا إلا الوزير الأوّل ، لكنه لرزنته وخموله وفهمه مغزى الوالي كان يقتصر على نصح الوالي فيما يراه أو يبدي له رأيه عندما يستشيره ، وصاحب النفوذ الحقيقي هو مصطفى خزندار لتقريب الوالي إليه ولأن مقتضى وظيفته التعلق بالأهالي والعمال وجميع أصحاب الإدارة ، وحيث كان هذا التفخيم يستدعي زيادة المصاريف والميل إلى الترف مع ما في نفس الوالي من الكرم على أهل إصطفائه وكبراء العساكر ، دعاه ذلك إلى زيادة الضرائب على الأهالي بأسماء سموها أثقلت الظهر وأوجبت الفقر ، وزعيم ذلك المضمار هو محمود ابن عياد باتحاد مع الوزير مصطفى خزندار مع انحصار جميع أنواع مصاريف الحكومة في يده من قوت العساكر وملابسهم وجميع المهمات للحكومة ولذات الوالي ، ولذلك وظائف بأسماء وهي :
الرابطة : وهي قبض الأعشار ودفعها ، والكوشة : وهي معمل الخبر والغابه وهي قبض أعشار الزيت وخرجها ، والغرفة : وهي اشتراء جميع مهمات الحكومة والوالي ، وانحصر جميع ذلك وغيره في ابن عياد وتغاضى الوالي عن المذكور وكادت أن تنحصر فيه ولايات جميع العمال ووظائف سائر جبايات الأموال لشركة سرية بينه وبين ذي اليد ، وقدم ابن عياد لاقتداره على إرضاء الوالي بإحضاره فعلا ووعدا ما يطلبه من المهمات والأموال وامتدّت يده بزيادة المظالم على ما ترسمه الحكومة بأضعاف مضاعفة ، ومن اشتكى لا يجاب إلا بقول الوالي أخلص مع عاملك ، وتوصل إلى كتب الأوامر بخطه سرا هو والوزير ويمضيها له الوالي من غير علم أحد مع تحسين الوزير لذلك عند الوالي بأن ما يربحه ابن عياد يكون خزينة حاضرة متى ما طلبها الوالي وجدها بالإستيلاء على كسبه ، وجمع ابن عياد بذلك أموالا عريضة قدرها «ريشارد وود» قنسل الإنكليز بتونس الذي أقام بها ما ينوف عن