يتبين ذلك من تقرير الجلستين المنعقدتين من الكومسيون في ١٥ أغشت سنة ١٨٧٢ وفي غاية سنة ١٨٧٣.
ولما ألح الكومسيون على الوزير في طلب الجواب زعم : أن الحكومة لم تتصل بالرقاع المذكورة وأن دار أرلانجي هي المطالبة بذلك ، لكن الكومسيون قبل أن يطلب من أرلانجي البيان تحرى فيما يلزم من الإطلاع على الحساب مع الدار المذكورة ، وعلى الرسائل الواردة منها لكي يعتمد في المخاطبة ما هو الواجب ، فأذن الوالي في ذلك وأطلع عليه الكومسيون وثبت عنده أن الدار المذكورة سلمت تلك الرقاع للحكومة وكان من المعلوم لدى الكومسيون أنه كان بين الوزير خزنه دار وبين رشيد الدحداح المتقدم ذكره معاملة خصوصية ، وأن الوزير رهن سبعة آلاف رقعة من سلف سنة ١٨٦٣ فظهر للكومسيون أن يطلب بواسطة ثاني الرائس وهو قنسلات الحائز رتبة الوزارة من رشيد الدحداح المذكور جريدة أرقام الرقاع المذكورة ، كما يطلب من دار أرلانجي جريدة أرقام الألفين رقعة التي استرجعتها الحكومة ، فاتصل بالجريدتين وكشف الحال أن الألفي رقعة روجها الوزير خزنه دار على يد الدحداح بعد خلاصها ، فعرض ثاني رائس الكومسيون على الكومسيون تقريرا مفصلا فيما ثبت لديه في النازلة وتضمنه تقرير جلسة الكومسيون المؤرخ في ٤ يونيه سنة ١٨٧٢ وملخص تقرير الجلسة أن الرقاع المذكورة سلمت في ١ فبراير سنة ١٨٦٤ للحكومة التونسية على يد شميت النائب عن دار أرلانجي ، وقيد ثمنها في الحساب الواقع بين الحكومة والدار المذكورة ، المؤرخ في ١٧ مايه سنة ١٨٦٧. ثم روجها الوزير مصطفى على يد الدحداح القاطن في باريس ، وأن استعمال الرقاع المذكورة على الوجه المذكور أضر بالحكومة وأرباب الديون ، وأن رأي كل الكومسيون أجمع على طلب التعويض والخسائر من الوزير مصطفى المذكور. ا ه.
وعلم الوزير بما وقع ونصحه الوزير خير الدين بفصل النازلة عن عجل فأبى ظنا أنه لا تناله الأحكام ، وبلغ ذلك للوالي سرا بواسطة مصطفى بن إسماعيل أقرب المقربين لديه لتعصب الوزير خير الدين له في إنهاء فظائع خزنه دار إليه وإفهامه أن الوزير خير الدين مضاد حقيقة لذلك الوزير وإن كانت له عليه يد المنة والمصاهرة لما ذكر من سيرته ، فامتلأ وطاب الولي من إنكاره أعمال وزيره ولم يزل الوزير مصرا على الامتناع من بيان الوجه في رواج تلك الرقاع ثانيا إلى أن واجه الوالي ثاني رائس الكومسيون بمحضر المذكور وعرض على الوالي ملخص النازلة ، وطلب منه إمضاء الحكم فباشر الوزير ثاني رائس الكومسيون بكلام شديد إلى أن انتهره الوالي وقال له : إن جوابك له إما أن يكون بالحجة في تبرئة نفسك أو تدفع الحق الذي عليك ، وانفصل الموطن وتيقن الوزير تغير الوالي معه لكنه لم يكن يظن أنه يعزل فكاتب الوالي بالإقرار بأخذه للألفي رقعة وطلب عفوه وأدى للكومسيون ما طلبه ، ولما تيقن الوالي فظاعة النازلة وتيقن عدم الخوف من عزل الوزير بعد أن جس جميع الجهات أبرم عزله في غرة رمضان سنة ١٢٩٠ ه وكان مبدء تقلده منصب الوزارة في