بأنه لم يوف بشرطه ، وأصحاب هذا الرأي قليلون. وبعضهم يرى أن الإعانة إنما تجب بالأبدان ، وأما المال فلا يجب على أحد شيء ومن قدر ببدنه وماله فعليه أن يذهب وليس على هذا الرأي إلا إثنان ، وجميع العلماء والعامة ضدهما وسقط اعتبارهما وقتئذ من أعين بعض رؤساء الحكومة سيما الوزير خير الدين ، وبعضهم يرى أن العسكر يحتاج إلى التدريب وإلى السلاح الجديد وبدونه العسكر كالعدم والمال لإقامة ذلك غير موجود ، لأن الغصب على أخذ المال من الرعية غير سائغ لما هم عليه ولجهل الحال في الملا والفقر ، فلذلك يلزم أن يوكل الأمر إلى الإختيار كل بما يستطيع.
وبهاته الصورة لا يعلم مقدار ما يتحصل حتى يمكن الاعتماد عليه وتجهز العساكر على مقداره ، وعلى فرض حصول شيء أولا فلا تحقق لجريانه في المستقبل للقيام بالعسكر في المؤنة والذخائر ، ولذلك يكون اللازم هو إحضار المال لإعانة الدولة العلية بالمال وإعانتها واجبة لا محالة ، غير أن جمع المال يوكل إلى اختيار الدافع واجتهاده كما حصل في إعانة الحرب مع الصرب ، وهذا هو الرأي الغالب الذي استقر عليه أمرهم ، وهذا القسم يدفع تعليل القسم الأول من شرط الفرمان بوجوب إرسال العسكر ، بأن شرطه الطبيعي أن يكون ذلك في الإمكان ، وقد تبين أن الإمكان غير موجود وعمل بهذا الرأي لأنه رأى الغالب.
«وحكم المسألة شرعا أفردناه برسالة فيما كتبناه على باب الجهاد من صحيح البخاري جامعة لحكم المذهب الحنفي والمالكي». ثم جمعت الإعانة المالية على نحو ما تقدم وأرسل بعضها في مدة وزارة خير الدين وقدره ، فرنك ٠٠٠ ، ٣٠٠ ولم يعلم حسابها بالتحقيق ، لأن الوزير خير الدين خرج قبل نهايتها وبعده لم ينشر حسابها مثلما نشر حساب السابقة ، ثم أرسلت الدولة العثمانية بطلب ستمائة بغل لجر الأثقال الحربية وإن كانت خيلا وبغالا فلا بأس به ، فعمل الوزير خير الدين حزمه في طلبها من أعيان المتوظفين وقبائل العربان والبلدان بأن عين لكل فرد ما يدفعه من عدد البغال أو الخيل ، وكذلك القبائل والبلدان على أن يسعر ما يدفعه أهل البلدان والقبائل من الحيوانات بالمال ويقسط ثمنه على جميع الأهالي على حسب الجدة ، ويدفع الثمن لصاحب الحيوان بحيث لا يناله من المال إلا أمثال غيره ، فتسابقت الناس إلى ذلك وتنافسوا فيه ، وكثير من أصحاب الحيوانات في القبائل والبلدان امتنع من أخذ الثمن وجعلها في سبيل الله ، وأحضرت الحيوانات وبقيت تنتظر سفن الدولة لحملها لأن حملها في السفن التجارية غير مأمون عليه خشية تعرض سفن المحارب الذي أشاعه من يريد اجتناب تونس من الدولة العثمانية ، وشحنت تلك الحيوانات للآستانة بعد خروج الوزير خير الدين من الوزارة ببضعة أيام.
وفي مبدأ الحرب سأل أحد نواب الدول الوالي والوزير عن قصد الحكومة في التداخل في الحرب وحذرها من عواقب قدوم الأسطول الروسي إلى مراسيها وخسارتها من