الصرب والجبل الأسود والبلغار وهرسك وبوسنه وبالمؤتمر الذي عقد في الآستانة وبإنجاز القانون الأساسي ثم بحرب الروسية ، وكان وزير الحرب أثناء إقامته بالآستانة في المدة الأخيرة قدر شهرين أو ثلاثة لم يرسل مكاتيب تبين سبب تأخره لأن كل أسبوع يظن أنه يرجع فيه وطالت غيبة المكاتيب وحملتها ذوو الأغراض على ما سيتلى.
ثم طلبت الدولة العلية الإعانة العسكرية لحرب الروسيا ولم يكن لحكومة تونس من العساكر التي تحت السلاح إلا مقدار ما يكفي لحفظ الراحة في القطر ، كما أن المال الضروري لذلك حاله ما علمت فرأى الوزير خير الدين المسألة مهمة جدا ولم يكتف برأي الوزراء ورؤساء الحكومة وطلب من الوالي عقد مجلس عام من ولي العهد في الحكومة وأهل المجلس الشرعي والوزراء وأعضاء جمعية الأوقاف والمجلس البلدي ورؤساء سائر أقسام الإدارات ورؤساء الكتبة والمستشارين وضباط العساكر من أمراء الألوية والفريقان وأعيان الأهالي ورؤساء ديانة اليهود وكبرائهم العرفيين ، فأسعف الوالي على ذلك وانعقد المجلس تحت رياسة الوالي نفسه وأذن وزيره خير الدين بإلقاء المراد على المجلس ، فقال ما معناه : إن الدولة العلية قد أعلمت الوالي بأن الروسيا أعلنت عليها حربا وإن لها في الحدود للمدافعة عن الخلافة الإسلامية والوطن نحو ستمائة ألف ، وأنها مع ذلك لا زالت محتاجة إلى كثرة العدد والعدد وأنها تطلب من الولاية إرسال العسكر ، ولعله سرد ذات التلغراف الوارد من الدولة ، ثم قرر أن للدولة حقوقا على تونس ، وأن تونس لها عادات مع الدولة لا محيص عنها ، وأن حالة الحكومة في العسكر وفي المال معروفة للجميع ، وأن الوالي جمع هذا المجلس ليشير عليه بما يراه في الطرق الموصلة للمقصود ، فخاض المجلس في الكلام وطالت المذاكرات وحصل التشاحن في الرأي ، إلى أن علت الأصوات.
وحاصل آراء المجلس هو أن بعضهم يرى إرسال العسكر بالمقدار الذي يطيقه القطر من العسكر النظامي المسرح أكثره وتقريبه نحو ستة عشر ألفا ، لكن فيهم من عجز فلا أقل من وجود ستة آلاف تقدر الأهالي على القيام بهم بما يلزم من الكسوة والقوت ، وأما السلاح فللحكومة من المدافع من الأنواع الجديدة أزيد من بطرية ، كما لها من المكاحل المسدسة أزيد من عشرة آلاف ، وإن كانت تعمر من أفواهها من النوع العتيق فالحكومة حينئذ تقوم بالسلاح وتعين بمليون من المال الذي لها أن تستقرضه من خزنة مجلس الإدارة لمدة ستة أشهر بلا فائض ، وترجعه بالإقتصاد من مرتبات ذوي المرتبات كل على ما يقتضيه حاله ، فإن بعضهم أراد إسقاط جميع مرتبه لذلك. ويتم التجهيز وترسل العساكر ويجعل على الأهالي تقسيط ما يقوم بهم يدفعونه منجما مع جريان الإقتصاد من الحكومة على نحو ما تقدم ، مع الإعلان بأن كل من أراد القتال بنفسه فله ذلك ، ويعلل هذا القسم رأيه بأن أحكام الدين قاضية بذلك مع أن نص فرمان سنة ١٢٨٨ ه مصرح بشرط ذلك ، وأنه على فرض الإعانة بالمال الذي يمكن أن يوازي مصروف العسكر فلا يزال التبكيت على القطر