ولا أصل ، وما استخرج منها ترده الأدلة المشاهدة زيادة على كونه مبنيا على غير الواقع ، وهذه الأراجيف وإن كانت باطلة عند المنصف وعند من يعلم حقيقة الواقع ولم يترتب عليها ما قصده من الأمور السياسية فإنه نشأ عنها لغير من ذكر ولمن لا اعتناء له إلا بالتحفظ على ماله بمراعاة كل ما يطرق سمعه خوف ، ترتب عليه بعض إنحطاط في سعر الرقاع مع أن كوبونها يدفع في أوقاته كاملا ، وإدارة مداخيله جارية على الوجه الكافل بحفظه ، وغير خفي على جنابكم ما يلحق كلا من الدولة والمتجر من ضرر هذا الإرجاف الذي مع كونه لا حقيقة له ومضاد للواقع ، لا داعي إليه إلا أغراض غير خفية ، ولما كنا على يقين من أن جنابكم يود الخير لبلادنا كاتبناكم بهذا مؤملا منكم السعي الجميل بحسن وساطتكم في إيقاف هذا الضرر ، إذ لا شك في أن المتصدي لنشر ذلك والحالة هذه لم يكن له قصد إلا ما ذكرناه ، ولحرصه على ترويج ما أبرزه تكلف ما يظن أنه يعينه على مقاصده وهو توزيع نسخ من الجرنال وتبليغها لمساكن أناس لا معرفة لهم به ولا اشتراك لهم فيه مجانا من غير أن يطلب منهم عوضا عنه خلافا للعادة ، ونشر ما هو من فروع مقصده بغيره فتعين بما أشرنا إليه أن ذلك لم يكن للإرشاد ولا للنصح اللذين أبرز كلامه في صورتهما وإنما هو للمقصد المشار إليه الذي نتحقق أن جنابكم لا يرضاه ويبذل الجهد في تعطيله ولو بإشهار هذا إعانة لنا بما تقتضيه المودة ، على ما أملناه من الخير وتأييدا للحق بإظهار الواقع كما هو المقطوع به من إنصافكم ومحبتكم ودمتم في أمن الله ، وكتب في ٢٠ جمادى الثانية سنة ١٢٩٣ ه ألف ومائتين ثلاثة وتسعين».
ثم حدث بعد ذلك في الآستانة ولاية السلطان مراد فتوجه إلى تهنئته من تونس على لسان الوالي وزير الحرب رستم وله مودة اقتضتها المعاشرة الطويلة مع الوزير خير الدين ، كما له معه مصاهرة حيث أن الأول زوج بنت الثاني ، وكان ذلك في جمادى الثانية سن ١٢٩٣ ه وحصلت إذ ذاك الحرب بين الدولة العلية والصرب فظهر من جهات الإسلام الإعانة للدولة العلية بالمال لضيق ماليتها وبمقتضى الحقوق الدينية والإرتباط السياسي بين تونس ، والدولة لزمت الإعانة بالمال أيضا من تونس وكان حال الحكومة في ضيق المالية وعدم إمكان القرض ما علمت ، فاجتهد الوزير خير الدين بعد الإستشارة والمفاوضة في حصول الإعانة بالمال من الأهالي عن طيب نفس ، وصدرت بذلك مكاتيب الوالي والوزير إلى الجهات من الحرص في التعجيل ، فظهر من الأهالي غاية الرغبة إلى أن حصل مقدار مليون وأربعمائة ألف فرنك مع مصاريف الصرب والحوالات لإرسال المال سكة رائجة في الآستانة ، وقدر ما دفعته الأهالي ريالات ٢٣٨٤٠٤٢ ونشر حسابه في الصحيفة الرسمية ووصل بتمامه للباب العالي ، وفي أثناء ذلك رجع وزير الحرب رستم المذكور ، ثم حصل في الدولة العلية صعود سلطاننا المعظم عبد الحميد على تخت السلطنة وأعيد إرسال وزير الحرب المذكور للتهنئة أيضا وأقام بالآستانة ثمانية أشهر لتثبيطه من الباب لإحضار جوابه وإحضار ما تتفضل به الحضرة السلطانية على الوالي مع كثرة شغل الدولة إذ ذاك بحرب