الوزير محمد عنه ، فجرى أول الأمر العمل فيه على ما كان ثم ولي على المستير رجلا نائبا عن العامل بجعل ينيف عن المائة ألف ، وكان ذلك الرجل مدينا للأجانب من قبل واشترى الوظيفة لخلاص ما اشتراه به ولخلاص دينه وتكسبه ، وامتدت يده إلى الأهالي وإلى النواب الذين تحت نظره وتفاقم الأمر مع شدة الضعف المالي في الساحل واشتكت رعايا الأجانب إلى قناسلهم هناك لأن أهل الساحل لم يزالوا في رق دينهم فما يتحصل لهم من المال عوض أن يدفع لدائنهم صاروا يدفعونه إلى المتولي ، وبقي أمرهم على ذلك إلى نحو ما سيرد خبره.
وفي أول مدة تداخله في الإدارة وجه قصده إلى التداخل في المسائل الخارجية والمداخلة مع نواب الدول فاستعطفه أحد نواب الأجانب على أمير اللواء إلياس المصلي لعلقة بينهما ذاتية على إرجاع المذكور إلى خطته التي كان فيها ، وهي وظيفة مستشار ثان في الوزارة الخارجية وقد كان عزل عنها في أواخر وزارة خزندار أثناء ولاية خير الدين وزيرا مباشرا بسبب واقعة ، وهي : أن إحدى الجمعيات الأجنبية التي تجمع المال لنوع من أنواع المرحمة توسطت إذ ذاك بقنسل فرنسا لتعينها الحكومة التونسية بشيء من المال على وجه المرحمة ، فأرسلت الحكومة بواسطة المستشار المذكور مقدارا من المال ، ولما اجتمع القنسل بالوزير شكر صنعه وذكر له المقدار الواصل لتلك الجمعية فإذا هو غير مطابق لما أعطته الحكومة ، ووقع التحقق في النازلة إلى أن عزل المستشار المذكور وبقي بلا وظيفة ولا مرتب إلى أن قدم من الأجانب من عطف على المذكور ، فتوسط له لدى الوزير خير الدين في وظيفة فأفهمه أن ذلك غير لائق لما تقدم؟ فألح على أن يحصل له نفع ونال بواسطته مرتبا سنويا قدره ستة آلاف ريال وقطعة من أرض مقدار ما يبنى بها دار للمذكور ، وكبر ذلك على الوزير ابن إسماعيل إذ ذاك وجعلها هجيراه فلما تعاطى هو الأشغال السياسية وتوسط لديه في إرجاع المذكور للخطة السابقة بادر بالإجابة بالقبول ، ولما انتهى الأمر للوالي استفظع النازلة سيما وقد سمع بعض القناسل بذلك وأوغر بالإنكار ، بل ربما قال بعضهم : إنه يعد ذلك إهانة لهم ، وحصل من المتوسط أيضا التشديد في الإتمام بمقتضى القبول الذي أجابه به الوزير ابن إسماعيل وهو وإن لم يكن إذ ذاك وزيرا للخارجية إلا أنه علم أن كلامه رسمي مثل وزير الخارجية ، ونكر ابن إسماعيل التعهد بالقبول وإنما قال إني وعدت بإبلاغ الوالي المطلب فقط ، وتفاقم الخلاف إلى أن استرضى الطالب ووظف المذكور وظيفة مخترعة وهي كاتب سر الوالي بالفرنساوي ، وجعل له مرتب إثنا عشر ألفا سنويا ، ثم ابتدأت نازلة الكنت دي صانسي فألح الوزير ابن إسماعيل في تعجيل فصلها وكان فيها ما سيرد خبره.
ثم جاءت نازلة وصل السكة الحديدية التونسية بسكة الجزائر ، وذلك أن الشركة التي بيدها المنحة وشرعت في العمل بها بعد أن قربت أن تصل ببلد باجه لزمها وصل السكة المذكورة بسكة الجزائر لأنها إن لم تصلها تتوقع الخسارة ويفوتها تيقن ربح الخمسة في