للمتوظفين بالدخول فيدخل أولا : الوزراء وبعض مشيخة المتوظفين الكبار المتقاعدين ، وكل من وصل منهم إلى الوالي قبل يده وأذنه بالجلوس فيجلسون يمينا وشمالا وأعلاهم شمالا باش كاتب وأصحاب اليمين يجلسون دون الوزير ، ثم يدخل كبار المتوظفين على صف واحد وكل من انتهى إلى الوالي قبل يده ورجع خارجا ثم الذين يلونهم ثم وثم ، إلى أن يصلوا إلى أصغر المتوظفين كالأعوان الذين يرسلون لجلب المدعى عليهم ، والهيئة المتقدمة في المحكمة هي الهيئة في سائر المواكب الكبار كالأعياد غير أن هاته تكون فيها الناس باللباس الرسمي المزركش بالفضة والنياشين ، وتكون أيضا في محل آخر أكبر من المحكمة وهو بيت عظيم يصعد إليه بدرج كثيرة مكسوة بالحلف نوع من المنسوج الصوفي الأحمر ، والبيت مفروش بالزرابي والستائر الحريرية الرفيعة وكرسي الوالي أكبر وأضخم من السابق والكتاب لا يجلسون في هذا الموكب والناس كلهم وقوف ، ومتولي إدارته هو أمير لواء العسة وعوضا عن دخول المشتكين يدخل المعيدون أفواجا أفواجا على نحو ما تقدم في تقبيل يد الوالي من المتوظفين ، ويجري ذلك على كل القادمين من جميع المتوظفين وأصحاب الرتب العسكرية النظامية وغيرها والأهالي والتجار إلا أهل المجلس الشرعي ، وخواص السادات الأشراف والمدرسين ، فإن الوالي يجلس لهم مجلسا خاصا بعد الموكب العام بحصة يسيرة في بيت أنيق أسفل الأول ، وتدخل عليه كل فرقة من الفرق الثلاث وحدها ، وأولها : أهل المجلس الشرعي معا الأول فالأول ، فيقف إليهم ويتقدم لهم خطوات ويتعانقوا ويقبل كل منهم كتف الآخر ثم يجلس ويجلسون الحنفية عن اليمين والمالكية عن الشمال ويؤتى إليهم بأطباق من الفضة فيها شيء من الحلو ويطعمه الوالي معهم ، ثم يرشون بالطيب ويقرؤون الفاتحة ويقوم الوالي لوداعهم ويقبلونه أيضا مثل ما صار عند دخولهم وينصرفون ، وهكذا غيرهم ، غير أنهم لا يقوم لهم الوالي ويقبلون ذراعه إلا بعضا من السادة الأشراف فإنهم يقبلونه مثل أهل المجلس الشرعي وبعض المدرسين من الطبقة الثانية يقبلون كفه كسائر الناس ، وكذلك لا يجلسون ولا يأكلون وإنما بعد فراغ آخرهم من التقبيل وأولهم وقوف يمينا وشمالا يقرؤون الفاتحة وينصرفون ، وهكذا كل فرقة دخلت عليه في الموكب الأول إلا المتوظفين فإنهم يقفون ويزدحم بهم الموكب لأنه يجتمع فيه أغلب المتوظفين ولو من جميع جهات القطر ، والذين يقفون هم أصحاب الرتب من العسكرية أو الكبار من غيرهم.
وموكب المعايدة يدوم يومان أولها أعظم من الثاني وكلاهما صباحا ، وفي اليوم الثاني يقدم عليه قناسل الدول ويدخلون عليه على حسب أسبقيتهم في الوظيفة ، وكل منهم معه متوظفو قنسلاته فيجدونه واقفا ويصافح القنسل ويتخاطبون بالترجمان بكلمات في التهنئة والموكب محتبك كما سبق ذكره إلى أن يتموا فيجلس الوالي على كرسيه ، ويتمم بقية الأهالي على نحو ما سبق ، ولا يختص هذا الموكب بأعيان الأهالي بل حتى أصحاب الصناعات ، وفي بقية أيام يكون الوالي في قصره لا يجتمع به إلا الوزير الأكبر يوميا بل هو