مستعمراتهم وغيرها ، حتى أحصى سنة ١٢٩٨ ه ١٨٨١ م ملك الإنكليز من المنقولات التي لها دخل مثل إسهام سكك الحديد وديون الدول وغيرها ، فكان سبعة وثمانين مليارد فرنك والمليارد ألف مليون ، ودخل ذلك في السنة أربعة ملياردات فلو قسم على نسبة عدد أنفسهم لصح لكل انكليزي (١١٠) فرنك منها ٥٠ من خارج المملكة ، وذلك كاف في بيان مقدار غنى هؤلاء القوم وحركة تجارتهم فإن بريدهم يصل إلى جميع جهات المسكونة وبواخرهم مالئة للبحر ، وأعظم البضائع الخارجية من مملكتهم هو الفحم الحجري فقد أخرج من مقاطعة سنة ١٨٦٦ ما يزيد على ألفي مليون قنطارا والمقاطع الموجودة في إنكلاتيره من هذا الفحم ثلاثة آلاف ومائتان وإحدى وثلاثون مقطعا ، وهو سبب عظيم لثروتهم من حيث البيع منه للخارج واستعماله في الداخل ومن حيث توقف الأشغال الصناعية عليه لكثرة المعامل البخارية ، ولذلك اشتدّت عنايتهم به حتى أنه كان كثير من علماء الإقتصاد عندهم يبحث عن أحوال فراغ ذلك المعدن وما يتسبب عنه من الرزيئة للإنكليز ، وفي سنة ١٢٨٨ ه ١٨٧١ م اشتدّ البحث في هذا الأمر وعينت الدولة لجنة لتحقيق الأمر ، وبعد مدّة وأبحاث استقر رأيهم على أنه يمكن بقاء هذا المعدن عندهم إلى مدة ثلاثمائة وخمسين سنة ثم يفرغ نظر الكمية ما يستخرج منه سنويا ونظر الصعوبة استخراجه فيما سفل من طبقات الأرض وكثرة المصاريف عليه حينئذ ، ومن تلك السنة ارتفع ثمنه نظرا للإقتصاد في استخراجه ولا زال البحث عما يعوضهم عنه من القوات أو وجود غيره في مستعمراتهم ومن موارد تجارتهم الواسعة أيضا ما يخرج منهم من الحديد ، وأغلب المجلوب لهم الحبوب لأن ما يخرج منها عندهم غير كاف لهم وتجد في أفراد الإنكليز الغنى الذي لا يوجد في غيرهم كما يوجد فيهم الفقر المدقع بكثرته ، وقد انعقدت في خصوص لندره شركات للتجارة والزراعة ٢١٢٥ شركة أفلس منها ٤١٢ شركة رأس مالها ٥٠٠ مليون فرنك ، وذلك في خصوص سنة واحدة وهي سنة ١٨٨١.
مطلب في الأحكام بإنكلاتيره
قد مرت أصول الأحكام الشخصية عندهم في مبحث السياسة الداخلية ، وإنما نقول هنا أن قضاة الإنكليز يضرب بهم المثل في أوروبا في العفة وعدم الميل إلى الأغراض ولو في متعلقات دولتهم ، وهناك مدن يقيم فيها القاضي ومدن تذهب إليها القضاة في أوقات معلومة من السنة فتعرض عليهم النوازل المهيآت لهم من حكام الجهات ، والأحكام الثقيلة إنما تصدر من القضاة بمحضر الجوري وقد تقدم الكلام عليه غير أن جوري الإنكليز يختص بأنه على قسمين : فالأحكام الخطيرة جوريها يتألف من فقهائهم وأعيانهم ولكل منهم ليرة على كل نازلة ، والأحكام الحقيرة جوريها من السوقة وأصحاب الحرف مثل فرنسا ، ويزيد جوري الإنكليز بجور عظيم على نفس الجوري فإن للقاضي توقيفهم في محل منفرد بمكان الحكم حتى يقع إجماعهم على رأي واحد من غير أكل ولا شرب ، وإذا وجد مع