وهيئة لبسهم ، فرأيت أكثر من ثلاثين صنفا كل منهم له سحنة وشارة خاصة ، وأعظم ترقيهم في مصنوعات الجلد والطين والعجلات ولهم مشاركة في سائر المصنوعات.
مطلب : في المعارف
المعارف الدينية المسيحية لها سوق رائجة من القسوس ولهم صوامع ومدارس ، لكنهم قد منعوا نوع القسوس الجزويت من التجمع في المدارس لأنهم يخلطون التعاليم الدينية بالتعاليم السياسية ويتخذون المدارس كالقشل للتعكسر ، فمنعوا من ذلك لخوف الدولة من تشويش سياستها لمخالفة مشرب الجزويت لمشرب الدولة في أصول السياسة. وأما العلوم الرياضية : فقد أخذوا في التقدم فيها وعلى الإجمال فأهالي الشمال متقدمون على غيرهم في سائر الفنون والتجارة والفلاحة وعلومهم الأصول ثلاثة :
أحدها : علم جر الأثقال.
وثانيها : علم الكيمياء أي تحليل الأجزاء وتركيبها.
وثالثها : علم الطبيعيات. ولكل منها فروع كثيرة ومن فروع الثاني والثالث علم الطب الذي كانت اشتهرت به بلد بيزة قديما والآن لم يبق لها ذلك الإعتبار ، وعلى العموم ففي إيطاليا الآن مدارس ومكاتب على ثلاث طبقات ، والمكاتب العليا فيها إلى الآن لم تناكب مكاتب فرنسا وألمانيا ، وفي إيطاليا من أسباب تيسير المعارف كل اللوازم سيما المطابع والصحف الخبرية وخزائن الكتب ، ففيها ٤٩٣ خزنة كتب تحتوي على ٢٨١ ، ٣٤٩ ، ٤ مجلدا من الكتب المطبوعة ، و ٥٧٠ ، ٣٣٠ من كتب الخط ، وفي خصوص مكتبة قصر الفاتيكان ٠٠٠ ، ٣٠ كتاب ، وهي أحسن المكاتب من جهة حسن كتب الخط.
مطلب : في هيئة المساكن والطرقات
إعلم أن إيطاليا تكاد أن لا تجد بين بلدتين فيها طريقا غير صناعية ، بل كلها متصلة ببعضها بالطرق المحصبة المتقنة الصناعية ، غير أن الطرق في البرية لا تنظف وإنما لها قيمون لإصلاح ما يفسد منها ، كأن يكون على كل ثلاثة أميال قيم له مركز يأوي إليه وفيه من آلات الإصلاح الخفيف ما فيه كفاية ، ويكون هو طول يومه متفقدا لما في عهدته ومهما وجد مكانا متغيرا بادر لإصلاحه وهكذا ، فإذا طال الأمر على الطريق واحتاج للتجديد باشره بذلك المكلف من المجالس البلدية ، وعلى أولئك القيمين متفقدون في كل الأوقات ، كما أن سائر أطراف المملكة متصل بعضها ببعض بالطرق الحديدية وكذلك تتصل بسائر الممالك المجاورة لها بالطرق الحديدية وتلك الممالك متصلة بغيرها بذلك أيضا فكانت أوروبا كلها كأنها بلد واحد في سهولة الإنتقال والسرعة من مملكة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر ومع ذلك فلم تزل إيطاليا مجتهدة في زيادة الفروع للطرق الحديدية.
أما الطرق في دواخل البلدان فزيادة على كونها صناعية لها خدمة ينظفونها مرات في اليوم ولا تجد في البلد مزبلة لأن خدمة التنظيف يرفعون الأزبال الملقاة من الدور في آخر