ونشأ عن هذا عدم ثبات السياسة الخارجية على طريق واحد أعني في الإجراء لتبدل المنهج بتبدل الوزارة وإن كانت كل وزارة تولت تراعي أصل ما أسسته سابقتها لكنها تنحو به منحى لا يلائمها فلا يحسن الاعتماد عليه من الخارج ، ومن الأصول أيضا أن الخدمة العسكرية لا يدخل إليها بالغصب أو بالقرعة وإنما هي بالإختيار لمن رغب فيها ولهذا تجد في عساكر الإنكليز في الحرب كثيرا من الأجانب الراغبين في المال الذي يبذل إليهم هذا إذا كانت الحرب خارج المملكة ، أما إذا هاجم العدو المملكة فيجب على كل الأهالي الدخول في سلك العسكرية على قانون لهم في ذلك حتى أن النساء أراد بعضهن الدخول في ذلك وألفن فرقا للتعلم ، وكذلك العساكر اللازمة لحراسة المملكة يدخل إليها بالإختيار وهي عدا الضابطية التي تلزم أهالي كل جهة ، ومن أهم أصولها أن لا ينتخب إليها إلا العفيف المرضي للشهادة حتى يكون كلامه حجة على الجاني وذلك من الأصول العامة في أوروبا وبها تيسر استقرار الراحة لأن حراسة الضابطية ونفوذهم من أهم الوسائط الفعالة فهي أهم ما يعتني بها ، ومن أصول الإنكليز أن لا يتولى المراتب السامية في الدولة إلا من كان على مذهب الكنيسة البرتيستانت فتأمل في هذا مع ما يأتي إن شاء الله في أحوال تداخلهم في بلاد الإسلام بدعوى الحرية.
ومن عاداتهم قبول جاه العلية منهم والأعيان في توظيف معارفهم وأقربائهم إذا كان فيه شيء من الأهلية مع إهمال غيره وأن كان أحق من المقدم ، ومثل ذلك الرتب العسكرية لا تنال إلا للأعيان والعلية والأفراد العسكرية لا يستحقون ذلك مهما فعلوا ، غير أنه قد حل منذ سنة ١٢٨٩ ه ١٧٧١ م إبطال اشتراء الرتب العسكرية من ملازم إلى أميرالاي بأمر من الملكة حيث أن أصل إنشاء ذلك كان بأمر من الملك لا بقانون ، واغتاظ لذلك كثير من ندوتهم لكن المصلحة غلبت فصارت الرتب العسكرية مطلقا لا تنال إلا بالإستحقاق في المعرفة وبهذا التغيير العسكري يعلم ما للملك من السلطة وإن خالفته الندوة بناء على حق قديم له مع موافقة الوزارة إليه.
مبحث إدارة الولايات
قد تقدّم في صفة برنيطانيا أنها تنقسم إلى تسعة وثمانين ولاية فهاته الولايات فيها مدن ذات خصوصية بالإمتياز بالشرف حسب عوائد قديمة ، ومدن كبيرة استحقت بكثرة سكانها أن تسمي عضوا أو أكثر في الندوة ، ومدن يسكنها مطران من كبراء ديانتهم ، ومدن وقرى خالية عن الإمتيازات المذكورة. فأما الأنواع الثلاثة الأول : فإن لها إدارة خاصة لا تدخل في عموم الولايات التي هي بها. وأما النوع الرابع : فهو مشمول بإدارة عموم الولاية : والحاصل : في إدارة عموم الولاية هو أنها راجعة إلى الوالي العام على الولاية ، وهو أحد لورداتها المحصل على عضوية الندوة ينتخبه الملك لذلك وليس له مرتب على هاته الوظيفة ، وهو ينتخب إثنين من أهل ولايته الأعيان أيضا لإعانته ويوظفهم له الوزير الملقب