فكان المتزايد في سائر فرنسا ٩٢٠١١٧ مولودا منهم أبناء زنا ٦٨٢٢٠ مولودا.
مطلب في المعارف
إعلم أن المعارف الدنيوية في فرنسا قد تناهت لأعلى درجة من الإتقان والاجتهاد وما تقدم في أحوال باريس وما فيها من المكاتب والكتب وجمعيات الفنون والحث عليها كاف في بيان ارتقاء تلك الفنون في فرنسا حتى أقر لها بذلك سائر الأمم في أوروبا وصاروا عيالا عليها في كثير من الفنون ، ومن ذلك فن الطب ومقدماته فإن المعالجة بالمعادن بمجرد اللمس التي ذكرنا طرفا منها في الباب الأول عند ذكر معالجة مرضى كان اطلع عليها أحد الأطباء الكيمياويين من النمسا ولكنه لم تقبل منه حتى قدم إلى باريس واطلع عليها الحكيم شاركو ، وبعد تجربته لها وإعطائه الشهادة والإجازة فيها اشتهر أمرها وتعاطتها الأطباء في سائر الأقطار. ومن أسباب الترقي في المعارف عموما صناعة الطبع وقد تقدم فيها الفرنساويون إلى الذروة القصوى ، وعندهم من الصحف الخبرية السياسية فقط مما يطبع في مدينة باريس وحدها يوميا ستة وخمسون صحيفة يخرج من مجموعها يوميا ١١٠ ، ٩٤٣ ، ١ نسخة ، وهي منقسمة إلى أحزاب السياسة فمن صحيفة واحدة تسمى «لبتي جرنال» يطبع يوميا ٨٢٠ ، ٥٨٣ نسخة ، وما عداها أقل كل على قدر رواجه ، ولا تكاد تجد سائق كروسة أو عجلة حمل بدون أن تكون عنده صحيفة يومية يقرأها ، وقد أطنب الإطناب الحسن في بيان تقسيم العلوم وترتيب أقرائها وإفادتها العلامة رفاعة بك (١) رحمهالله ونعمه فمن أراد الوقوف على التفصيل فعليه بمراجعة رحلة المذكور إلى أوروبا.
والحاصل أن الفرنساويين محصلون على الدرجة العليا في المعارف الدنياوية ولهم اعتناء بسائر الفنون فيترجمون إلى لغتهم كل كتاب في فن غير معروف أو غريب ، ويدرسون اللغات الأجنبية واللغات القديمة التي لم يبق من يعرفها وتوصلوا إلى معرفة خطوطها بوسائل جيدة ، لكن مما ينبغي علمه أن مدرسيهم في الفنون التي يقصرون فيها يستعوضون قصورهم بما لهم براعة فيه ، فترى مدرس العربية مثلا يخرج بأدنى مناسبة لفظية إلى علم الجغرافية ثم إلى علم الإقتصاد السياسي ثم التاريخ ثم الهندسة ثم الكيميا ثم وثم إلى إن ينقضي الزمان من غير أن يفيد حقيقة المقصود من بلاغة بيت شعر أو مثل مما هو موضوع البحث ، وتخرج تلامذته معجبين من براعة شيخهم وأنه علامة العربية مع أنه لا يعرف مزية تقديم المسند أو المسند إليه ، بل معادات الضمائر لا يحسنها فضلا عن الإعراب وذلك يوجب الجهل بأصل الفن والغلط من العموم بظن تحصيلهم حقيقة للغة العربية ، وقل جدا من يحسنها مع أن فيهم المتفاخرين بعلم الترجمة بل والمدعين بالتآليف فيها ، ثم إن التعاليم
__________________
(١) هو رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي (١٢١٦ ـ ١٢٩٠ ه) عالم مصري من أركان نهضة مصر العلمية في العصر الحديث ولد في طهطة وتوفي في القاهرة. الأعلام ٣ / ٢٩ الخطط التوفيقية ١٣ / ٥٣ معجم المطبوعات (٩٤٢) الفهرس التمهيدي (٣٩٥).