حسب الرتب ، وكذلك يكون للسراويل شرطان من القصب وعلى القلانس علامات أيضا من القصب ويلبسون مع ذلك النياشين أي علامات الفخر ، ولبس العساكر نظيف جدا متقن من ذلك الشكل غير أن سترتهم مقفولة الصدر وتبلغ في الطول إلى الخصر فقط إلا ضباطهم فهي طويلة كغيرهم مقفولة الصدر.
مطلب : في الأكل
هيئة الأكل عندهم هي موائد مرتفعة يجلس حولها على كراسي وتغطى برداء أبيض وكل آكل يجعل أمامه صحن فارغ ويأتي الخادم بأناء الطعام فيأخذ منه الآكل في صحنه مقدار ما يريد ، ومن إصطلاحاتهم أن تجد حذاء الصحن بطاقة بشكل لطيف مكتوب بها ألوان الطعام الحاضر لتلك الأكلة حتى تأخذ مما تشتهيه ، وهاته العادة هي من المستحبات عندنا كما نص عليها في آداب الضيافة وقرّرها الغزالي في الأحيا (١) لكن لا بخصوص الكتابة وإنما هي بأي إعلام للضيف بأنواع الطعام. ثم كل صحن حوله ملعقة وشوكة وسكين وبعد الفراغ من كل لون يبدل الصحن والسكين والملعقة بغيرها نظيفة ، وكذلك يوجد حذو الصحن كيسان على قدر أنواع المشروبات التي تكون لتلك المائدة من أنواع الخمر ، وفي وسط المائدة أواني بالزهور بحيث أنها في غاية المنظر الحسن والنظافة ويتحفظ الآكلون على النظافة ، والعادة أن لا يزيدون غالبا على خمسة ألوان إلا في الضيافات والمواكب ، ثم بعدها يؤتى بنوع من الحلويات ثم بجبن ثم بفاكهة من إحدى غلال الوقت وطعامهم له أنواع شتى أحسنها أنواع المشوى ، وأغلب أنواع الطعام مائل إلى التحريد عن كثرة الأخلاط وإلأبزرة حتى يضعون على الموائد أواني لطيفة بالملح والفلفل الأسود والخل والزيت لما لعله يطلب منه الآكل إذا وجد الطعام غير لائق به في الملح ، كما أنه يجعل على المائدة أوان ظريفة بالخرذل المسحوق المخلوط بالخل وقنينات بالماء وآخر بالخمر المعتاد عندهم للأكل ، ثم في أثناء الطعام يؤتى بأنواع أخر من الخمر أرفع من المعتاد وفي آخر الطعام يؤتى بنوع منه يسمى شنبانيا إذا صب في الكاس غلى وارتفع ، وإذ ذاك يخطب خطباؤهم في مقاصد تلائم حالة الاجتماع إما قائما أو جالسا ثم في آخر كلامه يقف ويشير بعضهم إلى بعض بالكؤس كناية عن التوادد ويشربونها ، ولكن هذا لا يقع في منازل المسافرين في الموائد العامة الاجتماع عن غير قصد وإنما يقع في الضيافات والمحافل وتارة يصرخ الحاضرون بيعيش كذا إما فلان أو مقصد سياسي ، ومن لا يريد الشرب من الخمر لا يعيبون عليه ذلك بل يعرض له صاحب المحل تعريضا خفيفا بمدح نوع الخمر فإن امتنع فلا تثريب عليه ويوجد فيهم أفراد لا يشربون كما أن غالب متبصريهم يعلم أن الخمر حرام عند المسلمين.
والنسوة في الديار هن المتكلفات بأحوال الأكل والطباخون يكونون من الرجال
__________________
(١) انظر إحياء علوم الدين ٢ / ١١. [الباب الرابع في آداب الضيافة].