وأما نباتاتها : فينبت بها سائر البقول وهي جيدة والقمح والشعير وغيرهما من الحبوب ، ويحصل فيها خصب متوسط كما ينبت بها القطن والعنب والرمان والليمون وغير ذلك من الأشجار التي تتحمل الحر ولا تحتاج إلى كثرة الماء ، ولذلك لم يكن بها غابات وما ينبت فيها من الشجر لا يرتفع على وجه الأرض إلا يسيرا فترى الخرنوب الذي يكون في تونس الواحدة منه مثل غيضة شاهقة هو في مالطة لاصق بالأرض لا يكاد يبين ، وهكذا سائر الأشجار ويعظم بها الصبار جدا.
وأما حيواناتها : ففيها المعز الحسن كثر الحلب وبقية النعم يجلب لها من خارج ويعلف علفا إلا قليلا من الرعي لعدم المرعى ، وبها الحمير بكثرة والبغال والخيل بقلة.
أما الحيوانات الوحشية : فليس بها إلا الأرانب ومنها نوع أنسي يعظم ويربى ، والسباع منقطعة والطيور الأنسية كلها مرباة عندهم ، ويوجد بكثرة العصفور الأصفر الحسن الصوت المسمى بالكانالو والبرية قليلة إلا بعض الرحالة كالسمان.
وأما المعادن فليس بها إلا الحجر ويصنعون الملح عند شاطىء البحر بمملحة صناعية.
وأما مدنها : فهي قاعدتها المسماة بفاليتا والبقية قرى مجموعها إحدى وثلاثون قرية أهم ما فيها الكنائس.
وأما مراسيها : فقد تقدم أن بها مرستين عظيمتين جدا وما عداها فإنما هو مراسي طبيعية حول القرى للقوارب وما شاكلها.
وأما أهلها : فعددهم مائة وخمسون ألفا كلهم مالطيون وبينهم قليل من الطليان تجارا ومن الإنكليز عسكر أو بعض متوظفين ومن العرب أفرادا تجارا أو مجتازين ، وأصل الأهالي على غالب الظن من بربر تونس وديانتهم نصرانية على مذهب الكاتوليك ، ولهم غلو شديد وإنهماك في اعتقاد خرافات.
الفصل الثالث : في تاريخ مالطه
مطلب في التاريخ القديم
أول من سكن هاته الجزيرة الفنيقيون وسموها إجاجية ثم عمرها الينافيون وسموها ماليتة واشتهرت بذلك من قبل التاريخ المسيحي سنة ٨٢٢ ، ولم تزل ولايات المستولين على إيطاليا تتوالى عليها ثم سلموها للقرطاجنيين ثم رجعت للرومان ثم ألحقت بالدولة الشرقية ، ولما ظلموا الأهالي واشتدت وطأتهم استغاثوا بالمسلمين فافتتحها المسلمون بعبورهم البحر من تونس إليها وإلى صقلية في المائة الثالثة هجرية ، ولاقوا من أهلها أحيانا ثورات شديدة إلى أن تم الإستيلاء عليها ونقلوا إسمها إلى مالطة المعروف الآن وكأنه مصحف من الإسم اليوناني السابق ، وبقيت بأيدي المسلمين نيفا ومائتي سنة ، ثم لحقت بصقلية تحت تملك عائلة النورمان ، ثم التحقت بمملكة النمسا الملقبة إذ ذاك إمبراطورية