والمفروشات ، وغاية الفرق بين هذا البناء والبناآت المعهودة أنه لا يشمل إلا طبقتين والقباب كلها على شكل مخروط الوسط والحيوط والأبواب كلها منقوشة مزخرفة بالأشكال الصينية وألوانها وتصاويرها والدرج ذات شكل غريب مرتاح ، وظاهر القصر مزخرف وعلى زواياه وأبوابه شرافات وصوامع جيدة مزركشة وقد باعت الملكة فكتوريا المتولية الآن هذا القصر لجمعية أهلية ليبقى منتدى للعموم في خطبهم واجتماعهم ، وقد انتدبوا إليه عقب شرائه من سائر أقطار إنكلاتيره وما زال هكذا مباحا للمتفرجين وقد شنعت صحف أخبارهم على شح ملكتهم ونهمتها في المال ببيعها ذلك القصر للأهالي وكان ينبغي لها أن تهديهم إياه وأظن أن الثمن لم يبلغ المليونين فرنكا.
والمكان الثاني : في البلد هو محل معرض أنواع السمك في أحواض من الزجاج وراءها الضوء مركوزة في الحيوط ينزل إليه بدرج على الشط وحوله مطاعم أنيقة وحدائق وفوقها قهوة ، وفي بيوت هذا المعرض بيوت عديدة جميع حيوطها أحواض زجاج فيها أنواع الحيوانات البحرية ما الله به عليم ، ويستفيدون من ذلك كيفية حياة الحيوانات وتوالدها.
والمكان الثالث : هو دكة على البحر طولها نحو نصف ميل مصنوعة من خشب متين مرفوعة على أعمدة متينة من الحديد عالية عن سطح البحر وحول الدكة وفوقها مقاعد ومنازه وقهاوي وذلك هو منتدى المنتزهين واللاعبين والمتسابقين في البحر ، وبقية البلد ليس فيها ما يستغرب وإنما هي حسنة قليلة نظافة الطرق ولم تزل الأشغال جارية في إحداث حارات جديدة فيها ، ثم لما رجعت إلى فرنسا بت ليلة في مرسى «دوفر» لأن الباخرة تسافر بالبريد مبكرة فآثرت الذهاب إليها عشية لكيلا نتعب بالركوب في الرتل ليلا للوصول إليها ، وتطوفت فيها فإذا هي مرسى حربية وحشة متينة الحصون كثيرتها ومبانيها ردية وطرقها وسخة ، ومنزل المسافرين الذي بتنا فيه حسن متقن وطعامه رديء وليس في البلد ما يبسط النفس فركبنا منها بكرى الصباح ورجعنا إلى فرنسا في باخرة فرنساوية اعتيادية وكان البحر ساكنا مع الضباب الكثيف ، وحول شاطىء فرنسا كان الجزر حاصلا حتى خشي السفن من مصادمة الأرض وكان قعر البحر يرى في بعض الجهات.
الفصل الثاني
لما كانت هاته المصر المتمصرة هي قاعدة إنكلتره وفيها أنموذج سائر المملكة يلزم أن تفرد بالذكر ، غير أنه لا يخفى ما للمعادات من المعادات ، وقد ذكرنا من أوصاف باريس وتفاصيلها ما يغني كثير منه عن إعادته في صفة لندره فلنقتصر على ما تنفرد به هاته عن تلك وهكذا نسلك في سائر المباحث بحيث نقتصر على ما يفيد وما يشترك فيه الجميع يعلم حاله مما سبق في الأبواب السابقة ، فنقول : إن لندره أكبر مصر في أوروبا وسكانها على ما تحرر سنة ١٢٩٨ ه ١٨٨١ م ٠٠٠ ، ٤٨٩ ، ٣ نسمة منهم ٠٠٠ ، ٦٣٣ ، ١ ذكورا و ٠٠٠ ، ٨٥٦ ، ١