التسمية هو المتعين لاتحاد العلة ، وأما قياسها على مسألة الخنزير فهو قياس مع الفارق فلا يصح إذ شرط القياس المساواة ، وإنما أطلنا الكلام في هذا المجال لأنه مهم في هذا الزمان وكلام الناس فيه كثير والله يؤيد الحق وهو يهدي السبيل.
مطلب في المواكب
إعلم أن المواكب الرسمية في أوروبا عموما متشابهة وقد تقدم ذكر حالتها في إيطاليا فلا داعي لإعادتها هنا ، غير أنه ربما يشكل على القارىء شيء وهو أن فرنسا ليس لها الآن ملك فمن هو مناط المواكب الرسمية؟ فاعلم أن دعواهم في الجمهورية أنها خالية عن الملك هو أمر وهمي لأن وظيفة الملك كأنها أمر ضروري لا مندوحة عنه حتى وقع الخلاف بين علماء الكلام هل أن الملك واجب بالعقل أو السمع فقط ، واحتج القائلون بأنه واجب سمعا بأنا نجد أمما عائشون على وجه ما من الإستقامة بدون ملك ، وكل ذلك أمر وهمي ولا مجال للخلاف في المسألة إذ إقامة الملك أمر طبيعي لا تمكن الإستقامة بدونه ، وما ذكره المحتج من وجود أمم الخ هو كاف في الرد عليه لأنه معترف بأن تلك الأمم أو القبائل تنقاد إلى رؤساء منها ، فالخلاف حينئذ إنما هو في اللقب وفي تحديد السلطة أو إطلاقها وكذلك حالة الجمهورية في بعض الممالك الآن ، لأن من يقيمونه رئيسا لها ما هو في الحقيقة إلا ملك عليهم لمدة معينه وتصرفه مقيد بحدود معينة فلا مندوحة لهم حينئذ عن الإقرار بوجوب الملك والإنقياد إليه ، وغاية أمرهم هو اختلاف اللقب وزيادة الأبهة والعظمة ، أما أصل التوقير والسمع والطاعة والإنقياد له فكله موجود عندهم فرئيس الجمهورية يفعل جميع ما يحتاج فيه إلى الملك من مراسم المواكب وغيرها غير أنه أقل أبهة وضخامة من الملوك في اللبس والأعوان ، وأما بقية المواكب الاعتيادية فهي كما مر ذكره في إيطاليا ، وقد دعوني في سنة ١٢٩٢ ه للفرجة على موكب دفن اثنين من الجنرالات ماتا سنة ١٢٨٦ ه ١٨٧٠ م في حرب الكومون أي الإشتراكيين في باريس وكانت جثثهما مصبّرة في صناديق بكنيسة ليزان المدفون بها بونابارتي الأول ، وأعدوا لهما موكبا حافلا بإحضار جم غفير من العساكر المشاة والخيالة والطبجية بمدافعهم وقوفا في البطحاء الكبيرة أمام الكنيسة وغصت سائر الطرقات والميادين بالخلائق المتفرجين وامتلأ داخل الكنيسة بالأعيان المدعوين ، وكانت فوانيسها موقودة والشموع الكثيرة مسرجة وكبار القسوس حول المعبد يرطنون بألحان ونغمات تمديدية تميل إلى الحزن يتفنون واحدا فواحدا ولهم سكتات في الوسط يضج فيها قوم من صغار القسوس جالسين في رواشن عالية محيطة بداخل الكنيسة ويلحنون ترطينهم بأنغام أيضا شبه السلفيين وهكذا إلى ختام أدعيتهم ، ثم حملوا الجنازتين المكسو تابوتهما بلباس أصحابهما الرسمي ووضعتا في عجلات معدة لذلك مزينة بالأزهار وتقصيب الذهب والفضة وسارت العساكر بمدافعهم في المقدمة ومن ورائهم الجنازتان ومن ورائهما بقية المشيعين ركوبا في كراريس سود وسرج الخيول أسود والخيل سود ولباس الركاب أسود ، وذهبوا إلى المقبرة وكانت المدافع تطلق بعد كل