عموم أوروبا أن لحم البقر لا يؤكل إلا بعد يوم من ذبحه في الأقل ومثله الطيور ، ولعمري أن هذا لحسن من جهة تليين اللحم وقابليته للطبخ واللذة سيما في البلاد الباردة ، لكن لا يصل الحد به إلى حدوث أدنى رائحة به فإن هذا مضر بالصحة فضلا عن استقذاره.
أما لحم الغنم وما شاكله فيؤكل في يومه وهو لذيذ لكنهم ممنوعون من لذة أكل الخروف الصغير ، إذ الحكم يمنع ذبح الشاة دون سن العامين لأجل الإقتصاد بكثرة اللحم لأن الشاة إذا كبر حجمها كفت أضعاف أضعافها وهي صغيرة ، نعم من أراد ذلك فله ذبح خروف لخصوصه ويؤدي عليه أداء زائدا للحكومة بحيث لا يوجد إلا بالإعتناء.
مطلب في المواكب في إنكلاتيره
المواكب عند الإنكليز هي رأس السنة والأعياد الدينية وإجمالها مثل ما تقدم في غيرهم ، غير أنهم عند تهنئتهم للملكة يلبس الكبراء ذلك الشعر الأبيض العارية ويقبلون يدها على ظهر الكف ومنهم من يقعد عند ذلك على ركبة ورجل وتقبيل يد الملكات جار عند غيرهم أيضا ، وزوجة الملك تعامل معاملة الملكة في ذلك بل وبعض الممالك مثل ألمانيا العساكر فيها يقبلون يد الملك أيضا ، ومن المواكب الشهيرة في لندره يوم دخول صاحب الملك المدينة رسميا متوجها لكنيسة مار بولس متشكرا على ظفر أو لافتتاح بناء مهم عام ، فحينئذ يأتي راكبا إلى البلاد ولا يدخل إلا من باب تنبل بار وهو في أول طريق السيتي الشهير ، فيغلق الباب في وجهه شيخ المدينة فيقدم الملك إلى أن يصل للباب فينفخ أحد كبراء أتباعه في بوق ويدق آخر الباب ، وتقع مخاطبة بينه وبين شيخ المدينة ثم يفتح الشيخ الباب ويقدم للملك سيف البلاد فيأخذه منه ثم يرجعه عليه ثم يسير الشيخ في ركابه إلى أن يصل إلى مقصده مع الإحتفال التام وكمال الإزدحام.
ومن المواكب المشهورة يوم تولية شيخ المدينة في كل سنة في شهر تشرين ثاني فإنه يجعل في الطرق حواجز لمنع مرور العجلات وتغص الطرق بالخلق ، فيخرج الشيخ من قصر كلدهال في موكب حافل ويركب عجلة مؤنقة ذات قيمة بليغة تجرها أفراس ويركب معه قاضي القضاة والكل باللباس الرسمي ، وتوضع أمامه آلات الحرث على عجلة مزينة بما تنبته الأرض وعلى عجلة أخرى سفينة ذات شراع تجرها ستة أفراس أيضا ، وتنتشر في الطرق الشرط وتمشي أمامه وتقف حول طريقه فرق عديدة منهم بعضها يعزف بآلات الطرب وبعضها ينفخ في أبواق وبعضها يحمل رايات مختلفة الألوان وبعضهم متدرع بالدروع العتيقة ، وفي موكبه جميع أصحاب الرتب العالية وشيخ المدينة المعزول ويلاقيه في الطريق وزراء الدولة وأعضاء المجالس والندوة وسفراء الدول ، وعند استقراره بالقصر الخاص به يدعو جميع الأعيان لوليمة فاخرة تشتمل على ٢٦٣٧ صحن مع زينة المائدة بأواني الذهب والفضة ويجعل أمامه صحن به سمك صغير من سمك نهر التيمس ، ويكون ذلك اليوم يوما مشهودا وذلك الشيخ من أعظم رجال الدولة مع أنه يمكن أن يكون سوقيا