إلى الخليفة ننهي دام منتصرا |
|
قد احتفلنا هنا أرخ بمختاركم |
وثانيهما :
بشرى الهنا لعموم أهل المصر إذ |
|
إصلاحها أرخ بمختار نجز |
وبقي المرخصان بمصر وهما مباشران الآن للنظر في الإصلاح وتأسيس الإدارة على أصول راسخة ، فهذا ما وقع إلى تاريخ طبع هذا المحل وهو ربيع الثاني سنة ١٣٠٣ ه.
مطلب في السياسة الخارجية
الأسباب التي بيّناها في إبهام الداخلية هي بعينها جارية في الخارجية والأمور بيد الإنكليز وجميع الدول مسلمة بذلك إلا فرنسا فمصرحة بالإعتراض ، وبمقتضى ما ذكرنا في سلطة فرنسا على تونس يظهر أن رجحان الإنكليز يتم في مصر سيما وهم متخذون طريقتهم في جلب الأهالي إليهم قلبا وقالبا بمراعاتهم لحريتهم وسائر عوائدهم وأصولهم كما هو دينهم في الممالك التي لهم فيها النفوذ ، لكن الأهالي مصرون على النفور لأن التصرف الإنكليزي كان في مصر على صورة لم تعهد من أحد قط ، لأنهم في الرسم معلنون بأنهم لا يأخذون مصر ولا يجعلونها تحت حمايتهم وفي نفس الأمر القوة بيدهم ولا يصدر شيء إلا عن إرادتهم ، إلى أن حصلوا على الإتفاق المار ذكره في المطلب السابق مع الدولة العلية ، فحينئذ صار لهم حق المداخلة برضاء صاحب الحق إقناعا للدول ، لأن بعضهم وهي ألمانيا أشارت بالتعريض سرا على إنكلتيره بتصريحها بالإستيلاء على مصر والنمسا موافقة لها وإيطاليا كذلك مع مزيد التحام بإنكلتيره في المساعدة ، حتى أدخلت عساكرها إلى مرسى مصوع وأعلنت بالإستيلاء عليها لكنها لا تمس حقوق الدولة العثمانية ، وهو كلام لا يعقل ولا مفهوم له إلا عدم التصريح بالإستخفاف ، وأغرب من ذلك أن الدول أجابوا الدولة العثمانية لما طلبت منهم التداخل مع إيطاليا في خرقها حقوق الدول بأنهم لا يتداخلون حيث صرحت إيطاليا بمراعاة حقوق الدولة.
وأما الروسيا فلم تبد ممانعة ولا موافقة وأما فرنسا فكانت ممانعة للإنكليز لكنها منذ رأت الدول الكبيرة موافقة على نحو ما رأيت وقد تكلفوا بأن تكون عليهم جميعا كفالة قرض إلى مصر قدره تسعة ملايين ليرة ومع ذلك كله فإن الإنكليز امتنعوا من الإستيلاء الرسمي أو وضع الحماية كذلك ، بل حتى من كفالة القرض المذكور وحدهم لخوفهم من كونهم إذا فعلوا ذلك فتحوا بابا للدول في إضرار بالدولة العثمانية ويرجع ذلك إلى عدم معرفة ما تأخذه كل دولة ويترجح به ميزانها ، فربما رجحوا على إنكلتيره ، ولذلك مالت إلى ذلك الوجه من التراضي مع صاحب البلاد وكان لها وحدها حق برضاه لعلها تتخلص من إضرار الدول بالدولة العثمانية الآيل عليها بالضرر أيضا ، لكن الإساغة إلى الطليان في الإستيلاء على مصوع مع تلك الدعوى التي أقرت الدول بأنها كافية في إقناع الدولة العثمانية هل يبقى معه الدواء الذي أرادته إنكلتيره وهو أن تداخلها لم يكن إلا بالرضى الظاهري ،