مطلب في الأحكام بمصر
الأحكام بها الآن على ثلاثة أنواع :
النوع الأول : الشرعي الإسلامي ، وهو في كل ما يرجع إلى الزواج والطلاق والوقف وغيره مما يرجع إلى أحوال الديانة في المعاملات ، وهذا له قضاة ومفتون على المنهاج الشرعي وإن أحدث فيه مصاريف يأخذها القاضي على الدعاوي مع بعض عوائد تجحف بالخصوم مما أوجب التشكي من ذلك ، والنوع الثاني : بقية المعاملات بين سائر الأهالي ولها مجالس سياسية ، ومنها : الضابطة تحكم بحسب قوانين سياسية موافقة للشرع غالبا ، وتارة يحكم الحاكم باجتهاده كما في سائر الأقطار السودانية ، والنوع الثالث : المعاملات التي بين الأهالي والأجانب فلها مجالس مختلطة من سائر الأجانب يحكمون بقانون عقلي ملائم لعادات القطر ، وعلى الإجمال فأهل مصر لهم الحرية الشخصية فيما يرجع إلى الديانة وشعائرها حتى صارت المنكرات جهرا ولا يقدر الأب على منع إبنته من مثل ذلك بالحكم إذا بلغت سنا معلوما ، أما بقية الحرية الشخصية وهي أمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه إلا بحق فهذا كأنه موجود في العموم ، لكن إذا أراد الحاكم المخالفة فالحيل ممكنة ، وأما الحرية السياسية وهي مشاركة العامة للحكومة في الرأي فالتحقيق أنه غير موجود وإن كانت الصحف تتكلم في السياسة لكنها مخصوصة بالسياسة الأجنبية ، أما القدح في تصرفات الحكومة فهو ممنوع نعم لبعض الصحف المستند أصحابها على خصوصيات عينية القدح في سيرة بعض أفراد لمنفعة خاصة ، والأمر موقوف على ما يستقر عليه الحال من الترتيب السابق ذكره في أحوال السياسة.
مطلب في تجارة مصر
التجارة بابها متسع جدا في السلع الوطنية والهندية والسودانية والأوروباوية وأغلب الأوروباوية في يد الأجانب ، فأما غيرها فبيد الأهالي ولهم براعة في الإكتساب ولكنهم قليلوا الأسفار فلا تكاد تجد منهم خارج ممالكهم إلا النادر ، وكل من أقام بمصر من الغربا ربح الربح الحسن من التجارة لأن محصولات الأقطار كثيرة فيخرج منها أنواع : كالقمح والشعير والفول والتمر والعدس والذرة والأرز والسكر ، وهو جيد كثيرا وقصبه ، والصمغ وفيه أنواع شتى ، والنطرون والصوف والأفيون والعصفر والجلود والحصر والقطن وهو الغالب وفيه أنواع جيدة وبزره ، وكذلك سن الفيل وريش النعام والمنسوجات الكتانية وغيرها ، وهذا كله يصدر منها ، أما الداخل إليها فأهمه الجوخ أي الملف والحرير والشاشية والزرابي على أنواع والأخشاب للبناء والوقد والعنبر والنقل كالفزدق والجوز والأشربة والبن والصابون والدخان والورق والشمع والزجاج والنحاس وغيره من المعادن مصنوع وغير مصنوع ، والفرش الصوفية وغيرها بحيث أن مصر مسابقة لأوروبا في الغنى بالتجارة وأنواعها مختلفة منها ما هو على النحو الأوروباوي كالتجارة في الرقاع الدولية والتجارية ، ولها مرسح عظيم في الإسكندرية وكذلك البريد فيها على غاية الإنتظام برا وبحرا خاص