اليد ويقول أحدهما للآخر : «يوم حسن أو ليل حسن» وإذا قدم مسافر على حبيبه أو قريبه قبله في فمه ولو الولد مع والده أو امرأة مع قريبها ، لكن النسوة يزدن أن الحبيبات متى اجتمعن قبلن بعضهن في الأفواه. والرجال لا بد في سلامهم من كشف رؤس بعضهم لبعض والرفيع بالنسبة للوضيع يضع يده على قلنسوته كأنه يريد رفعها فقط ، وإذا دخل وارد على آخر في بيته لا يجلس إلا وهما مكشوفا الرأس ، وهي عادة جارية في جلوسهم في بيوتهم مكشوفي الرؤوس إلا من كان به أذى من رأسه ، ومن عاداتهم أن لا يبعدوا المشي لتلقي القادم لكنهم يبعدون التشييع ، ومن الآداب أن يحدث أحدهم كلاما لصاحبه عند الفراق فيتمه في حالة الوداع ، ويتصافحون أيضا عند ذلك.
مطلب في التجارة
الطليانيون لهم مهارة في التجارة كغيرهم من أهالي أوروبا فرادى ومجتمعين والذي وسع تجارتهم هو عقد الشركات ، فأموال الواحد لا تكفي لمزيد الاتساع في التجارة ولذلك يعقدون شركات ذات أسهام عديدة ويقيضون للمباشرة بعضا منهم ممن يأتمنونه ، وتكون لشركاتهم فروع في الأقطار التي يواصلون معهم التجارة ويعلنون كيفية التجارة والبضاعة وأسعارها وكيفية إيصالها بواسطة الصحف الخبرية وبأوراق وكتب يودعونها مجانا ، ويرسلون الرسل لاكتشاف تجارات البلدان والأقطار وإن بعدت ويشهرون بها تجارتهم ودولتهم تحميهم في أنفسهم وأموالهم أينما حلوا ، ولا تقتصر تجارتهم على نتائج بلادهم. ثم إذا لم توف أموال الأفراد أو الشركات للمقصود من التجارة تراهم يفترضون من ديار الصيارفة ، وهؤلاء الصيارفة هم ذوو الأموال إما أن تكون لواحد أو لعائلة أو للعموم بأن يكون كل من له شيء من المال ولا يريد التعب في ترويجه والريح منه لعجز أو غيره ، فإنه يدفع ماله لإحدى ديار الصرافين المسماة عندهم بالبنوك ويأخذ منها حجة في مقدار ما دفع وتاريخه ويأخذ على ذلك ربا في كل سنة وهو لا يتجاوز ستة على المائة في السنة ، ومهما أراد رأس ماله فإنه يحاسب على مقدار ما بقي عند الصراف ويأخذ ربحه ورأس ماله حالا ، وكذلك إذا أراد أخذ البعض من رأس المال فله ذلك ، وكذلك إذا أراد إرجاع ما أخذ أو أكثر أو أقل فله أن يدفع متى أراد ويأخذ متى أراد ويحاسب متى أراد ، فسهل بذلك إدارة أموال العاجزين مع أرباحهم.
ثم إن البنك الذي يأخذ الأرباح على النحو المذكور يدفعه لمن يريد الإستقراض بزيادة في مقدار الربا على ما يعطي هو وهاته الزيادة محدودة لا تتجاوز العشرة على المائة في السنة ، وكل من مقدار المدفوع والمأخوذ مختلف بحسب البنوك والبلدان لكنه على كل حال لا يتجاوز الحدود المذكورة لمنعه بالقوانين ، حتى أن من تجاوزها يعد سارقا ، ثم إعطاء البنوك المال للمستقرضين إنما يكون برهن أو لمن له اعتبار يأتمنه به صاحب البنك ، ثم أن بعض أصحاب البنوك تجيزهم الدولة على قانون معلوم بأن يخرجوا أوراقا تتداولها