وأشهر معادنه في سنار حتى يعرف بالذهب السناري ، وكذلك يوجد الفحم الحجري الغني في بلاد النوبة ، ويوجد أنواع المرمر والرخام الأبيض والأزرق في جهات من الصعيد ، وكذلك الملح في عدّة سباخ والجص والسيمان والرصاص في موضعين حوالي شط البحر الأحمر ، والنحاس في عدة أماكن ، والحديد بكثرة في عدّة جهات ، والكبريت حتى أنه يوجد جبل يسمى به وأما الفضة فهي قليلة ، وتوجد أحجار ثمينة وأهمها الزمرد لكنه قليل ، ويوجد الفيروزج والعقيق ، والذي يحق به الإعتناء هو حجر البلور إذ هو كثير ونقي يضاهي ما في بوهيمية النمساوية كثرة وصفاء ، وأكثر هاته المعادن متروك إما لعدم العناية به أو لصعوبة نقله حتى رأيتهم يأتون بالحجارة لبلاط الطرق في الإسكندرية من بلد تريست في مملكة النمسا مع ما في البلاد من الحجارة التي صنع منها القدماء تلك الأهرام والهياكل والعواميد التي تنقل ذخائر في قواعد الدنيا ، ولا شك أن العناية لو توجهت إلى استخراج منافع السودان لسهل نقل تلك الحجارة وسائر المعادن بأخذ الفحم الحجري للطرق الحديدية التي تسهل إيصال الأثقال ومواصلة الأقطار ، إذ في السودان كنوز لا يحصيها إلا خالقها وأعظم بكنز غاباتها وأخشابها المرغوبة كالشمشير والإبنوس وغيرها ، حتى لا يحتاجون لجلب أخشاب البناء وغيره من خارج المملكة فإنهم يأتون حتى بحطب الوقد وفحمه من الخارج وذاك ضعف للبلاد.
وأما مدن مصر : ففي مصر من القرى والمدن ما يتجاوز الثلاثة آلاف بلدة وأشهرها قاعدتها وقد تقدّمت صفتها ، ثم الإسكندرية ومر ذكرها ، ثم طنطا ورشيد ودسوق وأشمون والأبيض على وزن محمد قاعدة كردفان وأبو حراز وتندلتي قاعدة دارفور سابقا وتسمى فاشرو غير ذلك ، وقد كانت بها مدن هائلة في الصعيد تحتوي على بناآت عجيبة وصنائع غريبة وقد دثرت تلك المدن ولم يبق لها من اعتبار سوى أن بعضها صار بمحله قريات ليست بذات أهمية ، وتلك الهياكل القديمة قد اكتشف عنها وتسمى بالبرابي وتقصدها السواح للإطلاع على ما احتوت عليه من الأعاجيب والصنائع المندثرة ، ومن هاته البرابي واحدة في بلد أدفو التابعة لمديرية أسنى ، أخبرني الرحالة محمد برادة : «أنه رأى به إيوانا كبيرا منقوشا في الصخر على حيطانه صور جميع المصنوعات المعلومة إذ ذاك ، وأنه رأى فيه بعين رأسه صورة طريق الحديد بقضبان ممتدّة وعليها حوافل ذات عجلات لكنها بدون مزجية أعني الآلة الجارة ، كما رأى فيه صورة السلك الكهربائي يعني صورة أعمدة عليها سلك ممتدّ منتهي إلى آلة ، ورأى صورة سفينة ذات عجلات وصاعد من مدخنتها صورة الدخان». وسمعت من غيره أنه يوجد في جملة البرابي بيتان عظيمان أحدهما يحتوي على صور جميع الحيوانات ، والآخر على صور جميع المصنوعات وأن منها ما تقدم ، وكله نقش في الحجر ورأيت في جغرافية فكري ، ذكر تلك البرابي واحتوائها على النقوش والصور لكنه لم يذكر خصوص ما تقدم ذكره.
وأما مراسي مصر فأولها الإسكندرية ثم برت سعيد ودمياط ورشيد في البحر