ما بيدي ، ومتى سلمت حلب إلى عماد الدّين يعجز عن حفظها ، وإن ملكها صلاح الدّين لم يبق لأهلنا معه مقام ، وان سلّمتها إلى عزّ الدّين أمكنه حفظها بكثرة عساكره وبلاده». فاستحسنوا هذا القول منه ، وعجبوا من حسن رأيه مع شدّة مرضه ، وصغر سنّة.
ثم مات يوم الجمعة خامس وعشرين شهر رجب ، من سنة سبع وسبعين وخمسمائة ، ودفن بقلعة حلب ، إلى أن ابتنت والدته «الخانكاه» (١) تجاه القلعة ، ونقل إليها في أيام ، فسيّر الأمراء. جورديك ، والبصيريّ ، وبزغش ، وجمال الدّين شاذبخت ، النّوريّون ، مع جماعة المماليك النّورية ، إلى «عزّ الدّين» ، يستدعونه ، وجدّدوا الأيمان فيما بينهم له.
وأما علم الدّين سليمان بن جندر ، وحسام الدّين طمان بن غازي ، وأهل الحاضر ، فإنّهم راسلوا «عماد الدّين» صاحب سنجار ، وكتموا أمرهم ، و «شاذبخت» هو الوالي بالقلعة ، والحافظ لخزانتها ، والمدبّر للأمور مع «النّورية» ، فسيّر إلى علم الدّين سليمان ، وحسام الدّين طمان ، وطلب منهما الموافقة في اليمين لعزّ الدّين ، فماطلا ، ودافعا ، فلما تأخّر وصول «عماد الدّين» عليهما ، وافقا على اليمين لعزّ الدّين.
ولما وصل رسول الأمير إلى عزّ الدّين ، سار هو ومجد الدّين قايماز إلى الفرات ، فنزل على «البيرة» ، ووصل شهاب الدّين ـ أخو عماد الدّين ـ مختفيا ـ واجتمع بطمان وابن جندر ، وأعلمهما أن «عماد الدّين» في بعض
__________________
(١) في محلة الفرافرة تحت القلعة. انظر الآثار الإسلامية ص ٣٢١.