واللّسان ، فقدّر الله تعالى أن حضر أجله ، وله نحو من تسع عشرة سنة (١) ، فمرض بالقولنج واشتدّ مرضه.
فدخل إليه طبيبه «ابن سكّرة اليهوديّ» ، وقال له سرّا : «يا مولانا شفاؤك في الخمر ، فان رأيت أن تأذن لي في حمله في كمّي ، بحيث لا يطّلع الّلالا ، ولا شاذبخت ، ولا أحد من خلق الله على ذلك» ، فقال : «يا حكيم ، كنت والله أظنك عاقلا ، ونبيّنا صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : إنّ الله لم يجعل شفاء أمّتي فيما حرّم عليها (٢) وما يؤمّنني أن أموت عقيب شربها ـ فألقى الله ، والخمر في بطني ، والله لو قال لي ملك من الملائكة : إنّ شفاءك في الخمر لما استعملته».
حكي لي ذلك والدي عن ابن سكّرة الطبيب.
ولما أيس من نفسه أحضر الأمراء والمستحفظين ، وأوصاهم بتسليم البلد إلى ابن عمّه عزّ الدّين مسعود بن مودود بن زنكي ، واستحلفهم على ذلك ، فقال له بعضهم : «إنّ عماد الدّين ابن عمّك أيضا ، وهو زوج أختك ، وكان والدك يحبّه ويؤثره ، وهو تولّى تربيته ، وليس له غير سنجار ، فلو أعطيته البلد لكان أصلح ، وعزّ الدّين له من البلاد من الفرات إلى همذان ، ولا حاجة له إلى بلدك» ، فقال له» «إنّ هذا لم يغب عنّي ، ولكن قد علمتم أنّ صلاح الدّين ، قد تغلّب على البلاد الشّامية ، سوى
__________________
(١) في بغية الطلب ص ١٨٢٦ : «له نحو من ثمانية عشر سنة».
(٢) انظره في موسوعة أطراف الحديث النبوي ـ اعداد محمد السعيد بسيوني ـ ط. بيروت ١٩٨٩ ج ٣ ص ١٨٢.