واهتمّ السّلطان الملك النّاصر ، في سنة ثمانين وخمسمائة ، لغزاة «الكرك» ، فوصل إليه «نور الدّين بن قرا أرسلان» ، واجتاز بحلب ، فأكرمه «الملك العادل» ، وأطلعه إلى قلعتها في صفر ، ثم رحل معه إلى دمشق ، فخرج السّلطان ، والتقاه على عين الجر (١) ، «بالبقاع» ، ثم تقدّم إلى دمشق وتجرد وتأهب للغزاة ، وخرج إلى «الكرك» ، واستحضر العساكر المصرية ، فوصل تقيّ الدّين ابن أخيه ، ومعه بيت الملك العادل ، وخزائنه ، فسيرهم إلى حلب.
ونازل الكرك ، وأحدقت العساكر بها ، وهجموا الربض ، وبينه وبين القلعة خندق وهما جميعا على سطح جبل ، وسدّوا أكثر الخندق ، وقاربوا فتح الحصن ، وكانت للبرنس «أرناط» ، فكاتب من فيها الفرنج ، فوصلوا في جموعهم إلى موضع يعرف «بالواله» (٢) ، فسيّر «الملك النّاصر» الأثقال ، ورحل بعد أن هدم الحصن بالمنجنيقات.
ورحل عنها في جمادى الآخرة ، وأمر بعض العسكر فدخلوا إلى بلاد الفرنج ، فهجموا نابلس ، ونهبوها ، وخربوها ، واستنقذوا منها أسرى من المسلمين ، وفعلوا في «سبسطية» (٣) و «جينين» (٤) مثل ذلك ، وعادوا ودخلوا
__________________
(١) هي عنجر الحالية في لبنان على مقربة من الحدود السورية اللبنانية الحالية قبل بلدة شتورا.
(٢) لم يرد ذكر هذا الموقع في المعاجم العامة أو المتخصصة بفلسطين ، ويستفاد من وليم الصوري ص ١٠٧٠ ، أنه كان على أطراف البحر الميت.
(٣) سبسطية قرية في الشمال الغربي من مدينة نابلس على بعد مسافة ١٥ كم منها. معجم بلدان فلسطين.
(٤) تمثل مدينة جينين (جنين) الرأس الجنوبي للمثلث المتكون من مرج بني عامر. معجم بلدان فلسطين.