وسار الملك النّاصر إلى الموصل ، فوصل «بلد» (١) ، فنزلت إليه والدة عزّ الدّين ، ومعها ابنة نور الدّين ، وغيرها من نساء بني أتابك ، يطلبن منه المصالحة ، والموافقة ، فردّهن خائبات ، ظنا منه أن «عزّ الدّين» أرسلهنّ عجزا عن حفظ الموصل ؛ واعتذر بأعذار ندم عليها بعد ذلك.
ورحل ، حتّى صار بينه وبين الموصل مقدار فرسخ فكان يجري القتال بين العسكرين ، وبذل أهل الموصل نفوسهم في القتال لردّه النّساء ، وندم السّلطان على ردّهن ، وافتتح «تل عفر» ، فأعطاها عماد الدّين صاحب سنجار.
وأقام على حصار الموصل شهرين ، ثمّ رحل عنها ، وجاءه الخبر بموت شاه أرمن ، وكاتبه جماعة من أهل خلاط ، فترك الموصل طمعا في خلاط فاصطلح أهل خلاط مع البهلوان صاحب «أذربيجان» ، فنزل السّلطان على «ميّافارقين» ، وكان صاحبها «قطب الدّين ايلغازي بن ألبي بن تمرتاش» ، وملك بعده حسام الدّين بولق أرسلان ، وهو طفل ، فطمع في أخذها ، ونازلها ، فتسلّمها من واليها ، وزوّج بعض بنيه ببنت الخاتون بنت قرا أرسلان ، ثم عاد إلى الموصل عند إياسه من خلاط ، فوصل إلى «كفر زمّار» (٢) ، في شعبان ، من سنة إحدى وثمانين ، فأقام بها مدّة ، والرسل تتردّد بينه وبين عزّ الدّين.
__________________
(١) مدينة قديمة فوق الموصل على دجلة بينهما سبعة فراسخ. الأعلاق ـ قسم الجزيرة ـ ص ٧٦٨.
(٢) كفر زمار : قرية من قرى الموصل : معجم البلدان.