فمرض السّلطان بكفر زمار ، فسار عائدا إلى حرّان ، وأتبعه عزّ الدين بالقاضي بهاء الدين بن شداد ، وبهاء الدّين الرّبيب ، رسولين إليه في موافقته على الخطبة والسكّة ، وأن يكون معه عسكر من جهته ، وأن يسلم إليه «شهرزور» (١) ، وأعمالها ، وما وراء «الزّاب».
واشتد مرض السّلطان بحرّان في شوّال ، وأيس منه ، وأرجف بموته ، ووصل إليه الملك العادل من حلب ، ومعه أطبّاؤها ، واستدعى المقدّمين من الأمراء من البلاد ، فوصلوا إليه. وعزم «الملك العادل» على استحلاف الناس لنفسه.
وسار ناصر الدين صاحب حمص طمعا في ملك الشّام ، وقيل انه اجتاز بحلب ، ففرّق على أحداثها مالا ، وسار إلى حمص ، وجرى من تقيّ الدّين بمصر حركات من يريد أن يستبدّ بالملك.
وتماثل السّلطان ، وبلغه ذلك كلّه ، وأركب ، فرآه الناس ، وفرحوا ، وابتنى دارا ظاهر «حرّان» فجلس فيها حين عوفي ، فسمّيت «دار العافية». ولما عوفي ردّ على مظفّر الدّين «الرّها» ، وأعطاه سنجقا ، وأحضر رسولي الموصل ، وحلف لهما على ما تقرّر في يوم عرفة.
وبلغه موت ابن عمّه ناصر الدّين ، صاحب حمص ، ورحل عن حرّان إلى حلب ، وصعد قلعتها يوم الأحد ، رابع عشر محرم سنة اثنتين
__________________
(١) شهرزور : كورة واسعة في الجبال بين اربل وهمذان. معجم البلدان.