وخمسمائة. وأقام بها أربعة أيام ، ثم رحل إلى دمشق ، فلقيه «أسد الدّين شيركوه» ، ابن صاحب حمص ، فأعطاه حمص ، وسار إلى دمشق.
وسيّر إلى «الملك العادل» ، وطلبه إليه إلى دمشق ، فخرج من حلب جريدة ، ليلة السّبت الرّابع والعشرين ، من شهر ربيع الأوّل من سنة اثنتين. فوصل إليه إلى دمشق ، وجرت بينهما أحاديث ومراجعات استقرّت على أن الملك العادل يطلع إلى مصر ، ومعه الملك العزيز ، ويكون أتابكة ؛ ويسلّم حلب إلى الملك «الظّاهر غازي» ، وينزل الأفضل إلى دمشق من مصر ، وينزل تقيّ الدين أيضا منها.
وكان الّذي حمله على إخراج الملك العادل من حلب أنّ علم الدين سليمان بن جندر كان بينه وبين الملك النّاصر صحبة قديمة ، قبل الملك ، ومعاشرة ، وانبساط ، وكان الملك العادل وهو بحلب لا يوفيه ما يجب له ، ويقدّم عليه غيره.
فلما عوفي الملك النّاصر سايره يوما «سليمان» ، وجرى حديث مرضه ، وكان قد أوصى لكلّ واحد من أولاده بشيء من البلاد ، فقال له «سليمان بن جندر» : «بأيّ رأي كنت تظنّ أن وصيتّك تمضي كأنّك كنت خارجا إلى الصيد ، وتعود فلا يخالفونك ، أما تستحي أن يكون الطّائر أهدى منك إلى المصلحة؟». قال : «وكيف ذلك؟» ـ وهو يضحك ـ. قال : «إذا أراد الطائر أن يعمل عشّا لفراخه ، قصد أعالي الشّجرة ، ليحمي فراخه ، وأنت سلّمت الحصون إلى أهلك ، وجعلت أولادك على الأرض ، هذه حلب ،