وجعلوا في بطسة ثالثة مقاتلة ، تحت قبو ، بحيث لا يصل إليهم نشّاب ، ويكونون تحت القبو ، ويقدّمون البطسة إلى البرج ، فأوقدوا النّار ، وضربوا النفط ، فانعكس الهواء عليهم ، فاحترقت البطسة ، وهلك من فيها ، واحترقت البطسة الثانية ، وأخذها المسلمون ، وانقلبت الثّالثة الّتي فيها القبو بمن فيها (١).
وفي هذه السنة ، في ربيع الأول ، أحرق المسلمون ما كان صنعه الفرنج من آلات الحرب والزحف إليهم ، وهي أبرجة عظيمة المقدار ، يزحف بها على عجل ، وفيها المقاتلة والجروخ ، والمجانيق ، فعمد لها رجل دمشقي يعرف «بعليّ بن النحاس» ، فرماها من السّور ، بقدور نفط متتابعة ، وصار فيها ريح غريبة ، كانت سببا لا حراق تلك الآلات وما فيها ومن فيها.
واشتد حصار الفرنج على عكّا ، وملّ من بها من الأجناد المقام ، ووصل اليهم من مصر مراكب فيها غلّة ، فاتلفوها بالاضاعة وبالتغريق ، تبرما بالمقام.
وفي ربيع الأول ، وصلت من بلاد الفرنج مراكب كثيرة ، فيها ألوف من مقاتلة الفرنج من أكبرهم ملكان : يعرف أحدهما بملك «الفرنسيس» والآخر بملك «انكتير» ، فاشتدّت وطأتهما على عكا ، وعظمت نكايتهما ، في سورها ، وقلّ ما بها من الميرة والسّلاح.
__________________
(١) انظر المحاسن اليوسفية ص ١٠٠ ـ ١٠١.