الأمراء : علم الدين قيصر الناصري ، أمير جاندار أبيه الملك الناصر ، فأقطعه اللاذقية ؛ وأخذها من ابن السّلار. وسيّر العلم بن ماهان ، ليعتبر ما في قلعتها ويسلّمها إلى قيصر ، ويجعل الأجناد فيها على حالهم ، ويحلّفهم للسلطان الملك الظّاهر.
وكان العلم بن ماهان ، إذ ذاك عند الملك الظّاهر في محلّ الوزارة ، فلما وصل إليها ، ودخل قلعتها طمع بالّلاذقية ، وحدثته نفسه بالعصيان ، واستحلف الأجناد لنفسه ، وخالفه بعضهم ، وامتنعوا ، وكتبوا إلى «الملك الظّاهر» ، وقبضوا على ابن ماهان. فسارع الملك الظّاهر ، وخرج إلى الّلاذقيّة ، وصعد إلى القلعة ، وأحضر ابن ماهان وقطع يده ، وقلع عينه ، وقتل غلاما من خواصّه ، وقطع لسان البدر بن ماهان قرابته وأذنية ، وسلخ العامل النصراني الذي كان بها.
واحتوى على جميع ما كان لابن ماهان ، وفرّقه ، ودخل إلى حلب وهو معه ، فأركبه حمارا مقلوبا ، وعلى رأسه خفّ امرأة ، ويده معلّقة في عنقه. وطيف به على تلك الحال ، ولطم بالدرّة ، ثم صعدوا به إلى القلعة ، فالتقاه «ابن منيفة» بوّابها ، وقال له : «أريد حقي منك». وأخذ نعله من رجله ، ولطمه به لطما كثيرا ، وحبس في القلعة.
وتحدّث بعض النّاس أن الملك الظّاهر أراد أن يرجع عن إقطاع قيصر الّلاذقية ، فكتب إلى ابن ماهان يأمره بالعصيان ، ثم التزم بما فعل ، ولم يظهر صحة ذلك.