يحضر عنده الفقهاء ، في ليالي الجمع ليلا ، ويتكلمون في المسألة بين يديه ، وحضر عيد الفطر ، فخلع على كافة الأمراء ، ومقدّمي البلد ، وأرباب المناصب ، وعمل عيدا عظيما ، احتفل فيه ، ولم يعمل بحلب عيد ، منذ مات «الملك الظّاهر» ، قبل هذه السّنة.
ووصل «الأنبرور» إلى عكا ، وخيّم الملك الكامل «بالعوجا». وتوجّه الملك الأشرف ، إليه من دمشق ، فجدّد الأيمان فيما بينهما ، وسارت النجدة من حلب ، في آخر المحرم سنة ستّ وعشرين وستمائة ، فنزلت في «الغور».
وصالح «الملك الكامل» الفرنج على أن أعطاهم مدينة «القدس» سوى الصخرة والمسجد الأقصى ـ وليس لهم في ظاهرها حكم ، وأعطاهم «بيت لحم» ، وضياعا في طريقهم إلى القدس ، من عكا.
وعاد الملك الأشرف ، واجتمع بعسكر حلب ، وبالملك الناصر ابن الملك المعظم ، فقال له : «إنّني قد اجتهدت في أمرك بالملك الكامل ، فلم يرجع عن قصد دمشق ، وكان آخر ما انتهى اليه أن قال : يعطى الملك الناصر البلاد الشرقية ، وتأخذ أنت دمشق» ، فعلم الملك الناصر ، أنّهما قد توافقا على أخذ دمشق ، وكان أيبك المعظّمي معه ، فأشار عليه بالرحيل إلى دمشق ، فقوّض خيامه ، وسار ، ولم يمكن الملك الأشرف منعه ، ومضى إلى دمشق ، وشرع في تحصينها ، فسار الملك الأشرف بجيوش حلب ، ونزل على دمشق ، وقطع عنها الماء ، فخرج عسكر دمشق ، وقاتلوا أشدّ القتال ، حتّى أعادوا الماء اليها ، ووصل الملك الكامل ، في جمادى الأولى ، بالعساكر المصريّة ، وخيّموا جميعا على دمشق.