الدّين ، في نصف شهر رمضان ، من هذه السنة ، ونزل من القلعة ، وركب النّاس في خدمته ، ولم ينزل منها ، منذ توفي الملك الظّاهر ، إلّا هذه المرة ، ثم عاد إلى القلعة ، وكان يركب منها في الأحايين ، إلى أن دخل السّلطان «الملك العزيز» بابنة الملك الكامل ، وبقي «أتابك» مدّة في القلعة ، ثم نزل منها ، وسكن في داره ، التي كانت تعرف بصاحب عين تاب ، تجاه باب القلعة.
واستوزر الملك العزيز ، في هذه السّنة ، خطيب القلعة وابن خطيبها «زين الدين عبد المحسن بن محمد بن حرب» ، ومال إليه بجملته.
وسيّر الملك العزيز القاضي بهاء الدّين ، في هذه السّنة في شوّال ، إلى مصر ، لإحضار زوجته بنت الملك الكامل ، فأقام بمصر مدة ، إلى أن قدم في صحبتها والدها «الملك الكامل» ، إلى دمشق ، وسيّرها من دمشق صحبته ، وأصحبها من جماعته : فخر الدين البانياسي ، والشريف قاضي العسكر ، وخرج وزيره ، وأعيان دولته ، فالتقوها من حماة ، وأكابر أهل حلب أيضا ، والتقتها والدة السلطان عمّتها من «جباب التركمان» ، والتقاها بقية العساكر ، «بتلّ السلطان» ، والتقاها أخو السّلطان «الملك الصالح» ، في عسكره ، وتجمّله ، وعادت العساكر في تجمّلها ، واصطفت أطلابا طلبا بعد طلب ، في «الوضيحي». وخرج السّلطان إلى «الوضيحي» ، ودخل مع زوجته ، ليلا ، إلى القلعة المنصورة ، في شهر رمضان ، من سنة تسع وعشرين وستمائة.