وكانت العامة بحلب ، قد ثاروا على محتسبها «مجد الدّين بن العجمي» ، لأن السعر كان مرتفعا ، وقد بلغ الرّطل من الخبز إلى عشرة قراطيس ، ثم انحطّ السعر كان في تقاديم الغلّة ، إلى أن بيع الرطل بخمسة ونصف ، فركب نائب المحتسب وسعّره في البلد بستة قراطيس ، فهاجت العامّة عليه ، وقصدوا دكّة المحتسب ، وهمّوا بقتل نائبه ، وخربوا الدكّة ، ومضوا إلى دار المحتسب ، لينهبوها ، فنزل والي البلد ، والأمير «علم الدّين قيصر» ، وسكنوا الفتنة ، بعد أن صعد جماعة إلى السلطان ، واستغاثوا على المحتسب ، فظفروا بأخيه نائب الحشر «الكمال بن العجمي» ، فرجموه بالحجارة ، فانهزم ، واختفى في بعض دروب حلب ، ثم هرب إلى المسجد الجامع ، فهمّوا به مرّة ثانية ، في الجامع ، فحماه مقدّم الأحداث ، وكان ذلك ، في يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان ، من سنة تسع وعشرين وستمائة.
وداوم «الملك العزيز» الخروج إلى الصيّد ، ورمي البندق بنواحي «العمق» وغيرها ، وحسّن له جماعة من أصحابه ، أن يسير إلى قلعة «تلّ باشر» ، ويستولي عليها ، وينزعها من نواب أتابكه «شهاب الدين طغرل» ، وأن يبقي عليه رستاقها ، وأن لا يكون شيء من القلاع إلّا بيده ، فنمى الخبر إلى «أتابك» ، فسيّر إلى الوالي ، وأمره أن لا يعارضه في القلعة ، وأن يسلّمها إليه ، وكان له بها خزانة ، فاستدعاها ، وخرج السّلطان إلى «عزاز» ، وكانت في يد والدة أخت «الملك الصّالح» ، وأولادها بني «ألطنبغا» ، عوّضهم بها «أتابك» عن «بهسنى» ، بعد قتل الرّومي كيكاوس الطنبغا ، فصعد إلى قلعتها ، وولّى بها واليا من قبله ، وأبقى عليهم ما كان