ووصل «سيف الدّين بن قلج» من دمشق ، وخرج السّلطان بنفسه ، فنصب عليها المناجيق ، من جهة الجبل ، وترك المنجنيق المغربي ، قبالة بابها ، وسيّر إلى صاحبها ، وقال له : «والله لئن قتل واحد من أصحابي ، لأشنقنّك بدله». فتقدّم إلى الجرخيّة بالقلعة ، أن لا يرمي أحد بسهم ، وتبلّد ، وأسقط في يده.
وأرسل «الملك الكامل» إلى السلطان نجابين ، ومعهما خمسة آلاف دينار مصريّة ، ليستخدم بها رجالة ، يستعين بهم على حصار «شيزر».
وقدم إليه إلى شيزر «الملك المظفر محمود» ـ صاحب حماة ـ وأرسل إليه صاحب شيزر ، يبذل له تسليمها ، على أن يبقي عليه أمواله ، التي بها ، ويحلف له على أملاكه ، بحلب ، فأجابه إلى ذلك ، ونزل من شيزر إلى خدمة السّلطان ، وسلّمها إليه ، ووفى له السلطان بما اشترطه ، وصعد السّلطان إلى القلعة ، وأقام أياما بشيزر ، ثم دخل إلى مدينة حلب.
ومرض أتابك «شهاب الدّين طغرل بن عبد الله» في أواخر هذه السنة ، ودام مرضه ، إلى أن مات ، ليلة الاثنين الحادية عشرة ، من محرّم سنة إحدى وثلاثين وستمائة.
وحضر السّلطان الملك العزيز محمد بن الملك الظّاهر ، جنازته ، صبيحة الليلة المذكورة. ومشى خلف جنازته ، من داره إلى أن صلّى عليه خارج «باب الأربعين» ، ودفن بتربته ، التي أنشأها «بتلّ قيقان» ، ووقفها مدرسة على أصحاب الإمام أبي حنيفة ـ رضياللهعنه ـ وبكى السّلطان عليه