وحمص ، وحصن الشميميس (١) ، عند سلمية ، وغير ذلك من بلاد الفرنج.
وتهدّمت أسوار هذه البلاد فجمع نور الدّين العساكر ، وخاف على البلاد من الفرنج ، وشرع في عمارتها حتّى أمن عليها.
وأمّا شيزر ، فانقلبت القلعة على صاحبها وأهله ، فهلكوا كلّهم ، وكان قد ختن ولدا له وعمل وليمة ، وأحضر أهله في داره ، وكان له فرس يحبّه ولا يكاد يفارقه ، وإذا كان في مجلس أقيم ذلك الفرس على بابه ، فكان ذلك اليوم على الباب ، فجاءت الزّلزلة فقام النّاس ليخرجوا من الدّار فخرج واحد من الباب فرمحه ذلك الفرس فقتله ، فامتنع النّاس من الخروج ، فسقطت الدّار عليهم فهلكوا.
وبادر نور الدّين ، ووصل إلى شيزر ، وقد هلك تاج الدّولة بن منقذ وأولاده ، ولم يسلم منهم إلّا الخاتون أخت شمس الملوك زوجة تاج الدّولة ، ونبشت من تحت الرّدم سالمة ، فتسلّم القلعة وعمّر أسوارها ودورها ، وكان نور الدّين قد سأل أخت شمس الملوك عن المال وهدّدها ، فذكرت له أنّ الدار سقطت عليها وعليهم ، ونبشت وهي دونهم ، ولا تعلم بشيء ، وإن كان لهم شيء فهو تحت الرّدم.
وكان شرف الدّولة اسماعيل غائبا ، فلمّا حضر وعاين قلعة شيزر ، ورأى زوجة أخيه في ذلك الذّلّ بعد العزّ ، عمل قصيدة أوّلها :
ليس الصّباح من المساء بأمثل |
|
فأقول للّيل الطّويل ألا انجلي |
__________________
(١) بقايا هذا الحصن على مقربة من سلمية على الطريق الواصله بمدينة حماه.